يشكو ملايين الشباب من شعور دائم بالإرهاق حتى بعد نومٍ جيد، هذا الإحساس لا يمكن تجاوزه بشرب القهوة أو قسط من الراحة وغالباً لا يكون السبب جسدياً فقط بل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بـ الصحة النفسية، فالاكتئاب والقلق والصدمات النفسية وضغوط الحياة جميعها عوامل تستهلك الطاقة الذهنية والعاطفية وتؤدي إلى تعب مزمن لا يمكن تجاهله.
الفرق بين التعب النفسي والعاطفي
الإرهاق العقلي والذي يُعرف أيضاً باسم "التعب المعرفي" هو حالة من الإنهاك المستمر نتيجة الضغط الذهني والعاطفي يتراكم بمرور الوقت ويصعب التخلص منه بمجرد الراحة، أما الإرهاق العاطفي فهو ناتج عن التعامل مع مشاعر طاغية مثل الحزن أو القلق أو الغضب، وكلا النوعين يؤثران في القدرة على التركيز وتنظيم المشاعر والشعور بالحيوية.
الارتباط بين العقل والجسم يفسر كيف تتحول المشاعر السلبية إلى تعب جسدي، إذ إنه عند الشعور بالتوتر يدخل الجسم في حالة "الكر والفر" فيُفرز هرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين والتي تمنح طاقة مؤقتة، لكن استمرار هذا النمط يؤدي إلى استنزاف الطاقة، كذلك يسبب الاكتئاب اختلالات في كيمياء الدماغ لا سيما في السيروتونين والدوبامين وهما عنصران يتحكمان بالمزاج والطاقة، فيما أظهرت دراسة نُشرت في عام 2024 في Journal of Affective Disorders أن 40% من المصابين باضطراب الاكتئاب الشديد يعانون من الإرهاق.
كيف تؤثر الضغوط النفسية على الجسد؟
يظهر الإرهاق النفسي بطرق مختلفة، منها: تقلب المزاج والشعور بالخدر العاطفي ونوبات قلق وصداع وألم عضلي وأرق أو نوم مفرط والانسحاب الاجتماعي وضعف التركيز وتراجع الأداء في العمل أو الدراسة، وعند تجاهل هذه العلامات قد تتفاقم الحالة إلى أمراض مزمنة أو اكتئاب حاد أو حتى اللجوء إلى المخدرات كوسيلة للتكيف.
ليس هناك سبب وحيد للإرهاق الدائم بل تتداخل عدة عوامل، منها: ضغوط العمل أو الدراسة، والمسؤوليات الأسرية، والتحولات الكبرى في الحياة، وقلة فترات الراحة، وضعف جودة النوم، والصدمات النفسية غير المعالجة أو اضطرابات الصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق.
رغم الأهمية الكبرى للصحة النفسية لا يمكن إغفال الأسباب الجسدية للإرهاق، حيث إن نقص فيتامينات مثل الحديد وB12 أو D وأمراض المناعة الذاتية واضطرابات الغدة الدرقية واضطرابات النوم مثل توقف التنفس أو الأرق، وأمراض فيروسية مزمنة كلها قد تؤدي إلى انخفاض الطاقة.
اضطرابات النوم
للتغلب على الإرهاق النفسي يُنصح باتباع روتين نوم منتظم وممارسة نشاط بدني بسيط كالمشي أو اليوجا وتقليل وقت الشاشة والانخراط في تمارين التأمل واليقظة الذهنية، كما أن التواصل مع الآخرين والدعم الاجتماعي عنصران مهمان، وفي الحالات الأكثر تعقيداً يمكن للعلاج النفسي أن يساعد في معالجة الجذور العميقة للإرهاق.