كثيرًا ما يُلاحظ على كبار السن صعوبة في التركيز أو تراجع الذاكرة فيُعتقد بالخطأ أن السبب هو الخرف أو مرض الزهايمر بينما تكون المشكلة الحقيقية تأثيرات جانبية لبعض الأدوية، حيث تشير أبحاث نُشرت في مجلة "The National library of Medicine" إلى أن أدوية شائعة مثل مضادات الاكتئاب والمهدئات ومضادات الحساسية قد تؤثر سلبًا على الإدراك مسببة ارتباكًا أو فقدانًا مؤقتًا للذاكرة.
تغيرات في الدماغ تؤثر على امتصاص الأدوية في الشيخوخة
مع التقدم في العمر تحدث تغييرات طبيعية في الدماغ والكبد والكلى والدورة الدموية ما يؤثر على سرعة امتصاص الدواء وخروجه من الجسم، كما أن تغيرات الوزن قد تجعل الجرعة التي كانت مناسبة في الشباب مفرطة في الشيخوخة، بالإضافة إلى ذلك فإصابة 80% من كبار السن بمرض مزمن واحد على الأقل ونصفهم بمرضين أو أكثر يعني أن الكثيرين يتناولون عدة أدوية في وقت واحد، وهذا التداخل بين الأدوية قد يؤدي إلى تفاعلات دوائية خطيرة أو تدهور في القدرات الذهنية.
وفقًا لتقرير بمجلة "National library of Medicine" هناك عدة مجموعات دوائية قد تؤثر على الإدراك، منها:
1-مضادات الهيستامين لعلاج الحساسية.
2-أدوية القلق والاكتئاب.
3-أدوية النوم والمهدئات.
4-مضادات الذهان المستخدمة في علاج الفصام أو الاضطراب ثنائي القطب.
5-مرخيات العضلات.
6-أدوية الجهاز البولي لعلاج السلس البولي أو التشنجات.
7-مضادات التشنج المعوية لعلاج تقلصات المعدة والأمعاء.
واللافت أن بعض هذه الأدوية يُباع بدون وصفة طبية مما يزيد خطر استخدامها العشوائي.
أدوية تؤثر على التركيز والإدراك
حددت "The American Geriatrics Society" قائمة بالأدوية التي يجب على كبار السن تجنبها أو استخدامها بحذر خاصة تلك التي تُحدث تأثيرات مضادة للأستيل كولين (Anticholinergic effects)، وهي ناقل عصبي أساسي للذاكرة والتفكير مما قد يؤدي إلى:
-تشوش الوعي والارتباك
-ضعف التركيز والانتباه
-تدهور مؤقت في الذاكرة
وأظهرت مراجعات علمية متعددة ارتباط هذه الأدوية بزيادة خطر الهذيان (Delirium) والضعف الإدراكي والخرف بين كبار السن.
من أكثر الأدوية المثيرة للقلق فئة البنزوديازيبينات (Benzodiazepines) المستخدمة لعلاج القلق والأرق، وقد حذّرت الجمعية الأمريكية لطب الشيخوخة من الإفراط في وصفها، لأنها قد تؤدي إلى:
-فقدان الذاكرة المؤقت
-اضطراب الوعي
-زيادة خطر السقوط والكسور
-ضعف القيادة أو الحركة الدقيقة
ويُوصى باستخدامها فقط في حالات محددة مثل نوبات الصرع أو القلق الشديد أو أثناء التخدير أو نهاية الحياة.
ينصح المتخصصون الأسر والعاملين في شبكات رعاية المسنين بما يلي:
-تثقيف كبار السن وأقاربهم حول الأعراض الإدراكية الناتجة عن الأدوية.
-تشجيعهم على مراجعة الطبيب أو الصيدلي عند ملاحظة أي تغير ذهني أو سلوكي.
-الاحتفاظ بقائمة محدثة بالأدوية والمكملات لتجنب التداخلات الضارة.
ويُؤكد الخبراء أن وجود دواء ضمن قائمة الأدوية "غير المناسبة" لا يعني أنه خطير للجميع لكنه يتطلب تقييمًا دقيقًا وفرديًا لكل مريض، وفي بعض الحالات قد تكون العلاجات غير الدوائية مثل التدليك أو التمارين الخفيفة بدائل أكثر أمانًا لتخفيف الألم أو القلق.