تشهد الأبحاث العلمية في مجال الصحة النفسية تطوراً ملحوظاً في دراسة العوامل المؤثرة في الإصابة بالاكتئاب والقلق، ومن بين هذه العوامل، برزت مؤخراً فرضية تأثير موسم الولادة على الصحة النفسية في مراحل العمر اللاحقة، خاصةً بين الرجال، حيث أجرى فريق بحثي من جامعة Kwantlen Polytechnic الكندية دراسة منهجية لاستكشاف هذه العلاقة، تحت إشراف الباحث أرشديب كور.
اعتمدت الدراسة على عينة بحثية شملت 303 مشاركين (106 ذكور و197 إناث) بمتوسط عمر 26 عاماً، واستخدم الباحثون أدوات قياس معيارية، حيث طُلب من المشاركين إكمال استبيان PHQ-9 لتقييم أعراض الاكتئاب، واستبيان GAD-7 لقياس مستوى القلق، مع تصنيفهم حسب مواسم الميلاد الأربعة: الربيع (مارس-مايو)، الصيف (يونيو-أغسطس)، الخريف (سبتمبر-نوفمبر)، والشتاء (ديسمبر-فبراير)، حسب "ديلي ميل".
العوامل المؤثرة في الإصابة بالاكتئاب والقلق
اكتشف الباحثون أن أعراض الاضطرابات النفسية منتشرة لدى عدد كبير من المشاركين في العينة، إذ يعاني 84% من أعراض الاكتئاب، و66% من أعراض القلق.
كما وجد الباحثون أن 78 رجلاً مشاركاً في الدراسة، والذين وُلدوا خلال أشهر الصيف، يعانون من أعراض الاكتئاب بمستوياته المختلفة (البسيط، المعتدل، الشديد) على مقياس PHQ-9، وهذا العدد هو الأعلى مقارنةً بالرجال المولودين في المواسم الأخرى، حيث بلغ عدد المصابين بالاكتئاب 67 رجلاً من مواليد الشتاء، و58 رجلاً من مواليد الربيع، و68 رجلاً من مواليد الخريف، ما يشير إلى أن الرجال المولودين في فصل الصيف هم الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب في هذه العينة.
مواليد الصيف من الرجال أكثر عرضة للاكتئاب
بالرغم من النتائج التي توصل إليها الباحثون، إلا أن هناك قيوداً عديدة على هذه الدراسة؛ فالعينة المستخدمة كانت صغيرة الحجم، كما أنها ركزت على فئة الشباب في مرحلة الجامعة، إضافةً إلى ذلك، لم يتمكن بعض المشاركين من الإجابة على جميع الأسئلة بشكل صحيح، وتم تقييم حالات القلق والاكتئاب لدى 271 شخصاً فقط، وليس الـ 303 مشاركين كاملاً.
وأخيراً، تكمن أهمية هذه الدراسة في محاولتها الكشف عن العوامل الموسمية المؤثرة في الصحة النفسية، مع التركيز بشكل خاص على الفروق بين الجنسين في هذا المجال، حيث تقع حوالي 800 ألف حالة انتحار سنوياً بسبب الاكتئاب، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.