بين الفقر والزهايمر.. صلة مثيرة تربط البيئة المحرومة بتلف الأعصاب والالتهاب الدماغي

كشفت دراسة علمية حديثة نشرتها دورية Neurology عن ارتباط مقلق بين العيش في أحياء تعاني من الحرمان الاجتماعي والاقتصادي وارتفاع علامات الالتهاب وتلف الأعصاب في السائل الدماغي الشوكي (CSF)، وهي مؤشرات حيوية رئيسية لمرض الزهايمر لدى كبار السن.

سعت الدراسة، التي قادتها الدكتورة ماريسا أ. غوغنيات من Vanderbilt University Medical Center في ناشفيل بولاية تينيسي، إلى فهم العلاقة بين مستوى الحرمان في البيئة السكنية والتغيرات البيولوجية المرتبطة بمرض الزهايمر، عبر متابعة بيانات مجموعة من كبار السن على مدى 9 سنوات.

مؤشر الحرمان وتأثيره على الصحة الدماغية

استخدم الباحثون ما يُعرف بـ"مؤشر الحرمان المناطقي" (Area Deprivation Index – ADI)، والذي يشمل 17 مكوناً لقياس مستوى التهميش الاجتماعي والاقتصادي في الأحياء السكنية، وكلما ارتفع هذا المؤشر دلّ على أن المنطقة أكثر حرماناً.

دراسة ضخمة تكشف عن علامات أكثر دقة للتنبؤ بألزهايمرمؤشر الحرمان وتأثيره على الصحة الدماغية

تم جمع البيانات من 334 مشاركًا يعيشون في مناطق أقل حرمانًا في المتوسط (الوسيط الوطني للمؤشر بلغ 33 ± 25)، خضع المشاركون لتحاليل دم وسوائل دماغية شُوكية بشكل دوري خلال فترة الدراسة التي امتدت لتسع سنوات.

نتائج مقلقة ومؤشرات بيولوجية واضحة

أظهرت النتائج وجود ارتباط واضح بين العيش في مناطق أكثر حرماناً وارتفاع مستويات بعض البروتينات الحيوية المرتبطة بمرض الزهايمر مثل بروتين chitinase-3-like protein 1 وبروتين tau وهما من العلامات البيوكيميائية المهمة التي تشير إلى حدوث تلف عصبي في الدماغ.

وبعد استبعاد القيم الشاذة من العينة، بيّنت التحليلات الإحصائية أن مستويات بروتين tau ارتفعت بنسبة β = 1.8، بينما ارتفع بروتين chitinase-3-like protein 1 بنسبة β = 0.7 لدى الأشخاص القادمين من مناطق ذات مؤشر حرمان أعلى، كما لوحظت زيادة أسرع بمرور الوقت في مستويات بروتين الالتهاب C-reactive protein عالي الحساسية في الدم، ما يعزز فرضية أن البيئة المحرومة قد تسهم في تطور الالتهاب المزمن.

العوامل النفسية والاجتماعية قد تؤثر بيولوجياً

ما علاقة النوم العميق بمرض ألزهايمر؟العوامل النفسية والاجتماعية قد تؤثر بيولوجياً

علّقت الدكتورة أنجيلا إل. جيفرسون وهي أيضًا من الفريق البحثي في جامعة فاندربيلت، قائلة: "وجدنا أن العيش في مناطق تعاني من الحرمان مرتبط بارتفاع مستويات بروتين tau وهو أحد المؤشرات البيولوجية الأساسية لالزهايمر، هذه النتيجة تشير إلى أن التعرض لضغوط مستمرة في هذه المناطق قد يسهم في تسريع تلف الخلايا العصبية مما يزيد خطر الإصابة بالزهايمر".

وأضافت أن هذه النتائج تدعو إلى التفكير بجدية في تأثير العوامل البيئية والاجتماعية على صحة الدماغ، وأن التدخلات الصحية يجب أن تأخذ في الاعتبار موقع السكن كعامل من عوامل الخطر المحتملة.

أهمية الدراسة في توجيه السياسات العامة

تبرز هذه الدراسة الدور العميق الذي تلعبه البيئة الاجتماعية في التأثير على الصحة العصبية لدى المسنين ما يفتح المجال أمام السياسات الصحية لاتخاذ تدابير تستهدف تحسين الظروف المعيشية في المناطق المهمشة كجزء من استراتيجية الوقاية من أمراض الدماغ التنكسية مثل الزهايمر.