اضطرابات المزاج بعد الأربعين.. ناقوس خطر للإصابة بالزهايمر

يعاني البعض من اضطرابات مزاجية مثل الاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب لأول مرة بعد سن الأربعين وهو ما يُعرف علمياً باسم اضطرابات المزاج المتأخرة (LLMDs)، ورغم تأثير هذه الحالات على جودة حياة المريض تشير أدلة متزايدة إلى أنها قد تكون مؤشراً مبكرًا على تطور أمراض تنكسية عصبية مثل الزهايمر.

اضطرابات المزاج المتأخرة قد تنذر بأمراض تنكسية عصبية

أوضح الدكتور كييسوكي تاكاتاهاتا، الباحث الرئيسي في المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا الكم باليابان، أن الحالات السريرية أظهرت بشكل متكرر أن اضطرابات المزاج التي تبدأ في مرحلة متأخرة من العمر قد تتطور لاحقاً إلى خرف، مضيفاً أن الأبحاث السابقة التي أُجريت على أدمغة المتوفين كشفت عن وجود سمات مرضية مشتركة بين الاكتئاب والخرف، لكن الآليات البيولوجية الدقيقة ظلت غير واضحة، حسب موقع "Medical News Today".

ما العلاقة بين مضادات الاكتئاب والتدهور المعرفي؟وجود سمات مرضية مشتركة بين الاكتئاب والخرف

بروتينات الزهايمر في أدمغة المصابين بالاكتئاب

أظهرت دراسة رائدة نُشرت مؤخراً في مجلة Alzheimer’s & Dementia: The Journal of the Alzheimer’s Association، أن المصابين بـLLMDs لديهم مستويات أعلى من بروتينات beta-amyloid وtau في أدمغتهم وهما علامتان مميزتان لمرض الزهايمر.

شملت الدراسة 99 مشاركاً بالغاً 52 منهم يعانون من اضطرابات مزاجية ظهرت بعد سن الأربعين و47 شكلوا مجموعة ضابطة، خضع جميعهم لفحوصات PET المتقدمة للكشف عن تراكم البروتينات، كما تم تحليل عينات دماغية من 208 حالات تشريح لأشخاص مصابين بأمراض تنكسية عصبية.

وأظهرت النتائج أن نحو 50% من المشاركين المصابين بـ LLMDs لديهم تراكم لبروتين tau، و29% لديهم ترسبات beta-amyloid، مقارنة بـ 15% و2% فقط في المجموعة الضابطة، ويعني هذا أن أعراض الاكتئاب أو الهوس قد تظهر قبل ظهور أعراض الخرف بسبع سنوات أو أكثر.

أهمية التشخيص المبكر والتغيير في التفكير السريري

أكد الباحثون أن هذه النتائج تعزز الحاجة إلى تغيير النهج الطبي المتبع في تقييم اضطرابات المزاج عند كبار السن وضرورة التفكير في وجود عمليات تنكسية عصبية في خلفية الأعراض النفسية الجديدة.

وقال "تاكاتاهاتا": "نخطط لمتابعة المرضى باضطرابات المزاج المتأخرة باستخدام تصوير PET الطولي لتتبع تطور تراكم البروتينات وربطها بالأعراض المعرفية والعصبية اللاحقة، الهدف هو التمييز بين من هم في مرحلة ما قبل الخرف ومن يتجهون إلى مسار نفسي مستقر".

4 أسباب للشعور بالاكتئاب الليليأهمية التشخيص المبكر والتغيير في التفكير السريري

اضطرابات المزاج مؤشر مبكر وليس مجرد عرض نفسي

علّق الدكتور ريتشارد إيه. بيرموديس، طبيب نفسي وأستاذ في University of California, Davis، على نتائج الدراسة قائلاً: "نحن لا نتعامل فقط مع أعراض نفسية بل نتدخل مبكراً في مراحل تنكس دماغي كامنة، إذا أظهرت اضطرابات المزاج بعد سن الأربعين مؤشرات مرضية قبل ظهور أعراض الخرف بسبع سنوات فنحن أمام نافذة علاجية غير مسبوقة".

كما شدد على أهمية العلاج متعدد الأوجه لمرضى الاكتئاب المتأخر وضرورة اعتماد فحوصات التصوير الحيوي كأداة معيارية للتشخيص المبكر.

أدلة متزايدة تؤكد الرابط بين الاكتئاب والخرف

الخرفأدلة متزايدة تؤكد الرابط بين الاكتئاب والخرف

من جانبه، قال الدكتور جاري سمول، رئيس قسم الطب النفسي في Hackensack University Medical Center، إن الدراسة تتماشى مع أبحاث سابقة تؤكد تداخل أعراض اضطرابات المزاج مع أمراض التنكس العصبي، مشيرًا إلى أن الاكتئاب غير المعالج يزيد من خطر الإصابة بالخرف.

وأضاف أن دراسات عديدة تدعو للكشف المبكر والتدخل الوقائي، مشيراً إلى أن حماية الدماغ السليم أسهل من محاولة إصلاح تلفه، وداعياً إلى مواصلة الأبحاث باستخدام PET والمؤشرات البيولوجية الأخرى لتطوير أدوات فعالة للكشف المبكر والوقاية.