رغم عدم توفر علاج نهائي لمرض الزهايمر، تشير أبحاث متزايدة إلى أن بعض التغييرات في نمط الحياة قد تقلل من خطر الإصابة بالمرض أو تبطئ من تطوره، ومن بين هذه التغييرات يبرز النشاط البدني كعامل حاسم في الحفاظ على صحة الدماغ.
أظهرت دراسات سابقة نُشرت في أبريل ومايو 2025 أن زيادة النشاط البدني في منتصف العمر أو تقليل الجلوس لدى كبار السن قد يساعد في الوقاية من الزهايمر، واليوم تقدم دراسة جديدة نُشرت في مجلة "Nature Neuroscience" أدلة جديدة على كيفية تأثير التمرين البدني على خلايا الدماغ على المستوى الجزيئي.
فهم أعمق لعلاقة الحركة بصحة الدماغ
اعتمدت الدراسة على تقنية تُعرف بـ(single-nuclei RNA sequencing snRNA-seq) وهي وسيلة متقدمة لتحليل نشاط الجينات في كل خلية على حدة.
ووفقاً للدكتورة كريستيان دي. وران، أخصائية علم الأعصاب في مستشفى Massachusetts General Hospital، فإن هذه التقنية تمكننا من تتبع كيفية إعادة التمرين تشكيل خلايا الدماغ في منطقة الحُصين لدى نماذج فئران مصابة بمرض الزهايمر.
ركز الباحثون على منطقة الحُصين المعروفة بدورها في تكوين الذكريات ومعالجة العواطف، ووجدت الدراسة أن النشاط البدني يؤثر بشكل مباشر على خلايا مناعية في الدماغ تُعرف باسم microglia، وكذلك على نوع محدد من الخلايا النجمية المرتبطة بالأوعية الدموية (neurovascular-associated astrocytes NVAs) وهي خلايا تلعب دوراً مهماً في حماية الدماغ عبر تنظيم تدفق الدم والأوكسجين.
النشاط البدني يؤثر بشكل مباشر على خلايا مناعية في الدماغ
وقالت "وران": "تُظهر نتائجنا أن التمرين يعيد تشكيل هذه الخلايا على مستوى التعبير الجيني مما يزيد من خصائصها الواقية للأعصاب، وهذا يوضح كيف يمكن للنشاط البدني أن يعزز صحة الدماغ لدى مرضى الزهايمر".
لم تقتصر النتائج على الخلايا المناعية فقط إذ كشفت الدراسة أيضاً عن أهمية جين يُعرف بـATPIF1 وهو جين ينظم إنتاج الطاقة في الخلايا في تحفيز عملية neurogenesis أي تكوين خلايا عصبية جديدة في الدماغ.
وأوضحت "وران" أن تحفيز تكوين الخلايا العصبية يُعد وسيلة فعالة للوقاية من التدهور المعرفي المرتبط بتقدم السن أو مرض الزهايمر.
علق الدكتور ناثان تاكر اختصاصي الإحصاء الحيوي في SUNY Upstate Medical University، قائلاً: "الدراسة لا تشرح فقط فوائد التمرين للدماغ بل تكشف أيضاً عن أهداف علاجية خلوية جديدة يمكن استهدافها مستقبلاً لعلاج الزهايمر".
صحة الدماغ وجودة الحياة
من جهته، قال الدكتور غاري سمول، رئيس قسم الطب النفسي في Hackensack University Medical Center، إن هذه النتائج تضيف بُعداً جديداً لفهم العلاقة بين التمرين والدماغ خاصة فيما يتعلق بدور الخلايا النجمية وmicroglia في تنظيم الالتهاب.
وأكد "سمول" أن الخرف ليس حتمية في الشيخوخة بل يمكن تقليل خطره من خلال تغييرات في نمط الحياة مثل النظام الغذائي وممارسة التمارين وتقليل التوتر، موضحاً أن التمرين لا يحافظ فقط على الوظائف العقلية بل يسهم أيضاً في تحسين جودة الحياة بشكل عام سواء للمصابين بالمرض أو من يعتنون بهم.