صحة الأمعاء انعكاس لعيش حياة صحية دون متاعب، وفي حالة ظهور مشكلة بها فإنها تؤثر على كل شيء بدءاً من وظيفة المناعة والهضم إلى الحالة المزاجية والعقلية؛ ويعتقد البعض أن تناول الأطعمة المخمرة مثل الزبادي والمخلل الملفوف يمكن أن يساهم في تحسين صحة الجهاز الهضمي، لكن في بعض الحالات يكون له تأثيراً معاكساً يسبب عدم الراحة ويفاقم مشاكل الأمعاء.
كتب ويليام بولسيويتز، أخصائي الجهاز الهضمي وخبير صحة الأمعاء المعروف، منشوراً عبر صفحته على "إنستجرام" كشف فيه عن أن الأطعمة المخمرة يمكن أن تسبب أعراضاً مؤلمة مثل الانتفاخ والغازات والصداع وسيلان الأنف وخفقان القلب لدى بعض الأشخاص؛ وهذا ناتج عن عدم تحمل الهستامين وهي مادة كيميائية موجودة في خلايا الجسم تلعب دوراً في الاستجابة المناعية وعند تراكمها تسبب أعراضاً مختلفة.
وأشار ويليام المعروف بالدكتور "بي" أن مجموعة الميكروبات التالفة يمكنها التسبب في ضرر حاجز الأمعاء؛ ما يسمح للهيستامين بالانتقال من الأمعاء إلى مجرى الدم، أما شفاء الأمعاء وتقوية حاجزها يحافظ على الهستامين بمكانه الصحيح ويمنعه من التسرب، حسب موقع "EatingWell".
حساسية الطعام
يصاب 1-3% من سكان العالم بعدم تحمل الهيستامين، حيث تشير الحالة إلى عدم قدرة الجسم على تفكيك الهيستامين من الأطعمة، ما يؤدي إلى تراكمه بالجسم وزيادة مستوياته، ثم تظهر أعراض مشابهة لحالات صحية أخرى؛ وبالتالي فلا يمكن تشخيص الإصابة به بسهولة.
السبب الرئيسي وراء عدم تحمل الهستامين هو نقص إنزيمات مهمة مشاركة في عملية التمثيل الغذائي مثل ديامين أوكسيديز (DAO) والهستامين N- ميثيل ترانسفيراز (HNMT)، كما يعتبر إنزيم ديامين الأكثر تسبباً لعدم تحمل الهيستامين، ما يؤدي إلى ظهور الالتهاب كما أن الإنزيم يرتبط بالعمليات التي تؤدي إلى التئام الجروح والهضم، ويجعل مستويات الهستامين تحت السيطرة.
وهناك عوامل تتسبب في نقص إنزيم ديامين أوكسيديز وهي الأورام الحميدة للقولون، ومرض الاضطرابات الهضمية، وتناول بعض الأدوية مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية ومضادات الاكتئاب والأدوية التي تعالج انتظام ضربات القلب، إضافةً إلى فرط نمو البكتيريا المعوية وتناول أطعمة غنية بالهيستامين، إلى جانب الإصابة بحساسية الطعام وأمراض التهاب الأمعاء مثل مرض كرون والتهاب القولون التقرحي، حسب موقع "Cary Gastroenterology Associates".
الشعور بالغثيان
يعاني المصابون بعدم تحمل الهيستامين من الإسهال والصداع والانتفاخ، وألم البطن والغثيان واحمرار في الرأس والصدر، إضافةً إلى احتقان وسيلان وحكة في الأنف واحمرار العيون والدوخة وخفقان القلب.
كما تشمل الأعراض الأقل شيوعاً انخفاض ضغط الدم والصدمة وحدوث تشنجات في عضلات جدران أنابيب القصبات، حسب موقع "Medical News Today".
تحتوي جميع الأطعمة والمشروبات على نسبة من الهيستامين لكنها تزداد مع عمر الطعام أو فساده أو مدى تخمره، كما أن بعض الأطعمة والمشروبات تحتوي على مركبات تساعد على إطلاق هرمون الهيستامين أو تمنع إنتاج وفعالية إنزيمي ديامين أوكسيديز والهستامين N- ميثيل ترانسفيراز.
من بين الأطعمة والمشروبات الغنية بالهيستامين الجبن القديمة والمعلبات والمنتجات المدخنة مثل السلامي، إضافةً إلى السبانخ والباذنجان والكاتشب والخل والأسماك المعلبة مثل الماكريل والتونة.
كما تشمل الأطعمة التي قد تعزز إنتاج الهيستامين في الجسم معظم الحمضيات والكاكاو والشوكولاتة، إضافةً إلى الطماطم وبياض البيض والفول السوداني.
أما الأصناف التي تتداخل مع مستويات ووظيفة الإنزيمين تتضمن مشروبات الطاقة و الشاي الأخضر والأسود.
نظام غذائي منخفض الهيستامين
بعد استبعاد الطبيب الإصابة بحالات صحية مشابهة لعدم تحمل الهيستامين، قد يطلب اختبار الحساسية الغذائية وعدم تحملها، فيما يخضع المصابون بأمراض تخص الجهاز الهضمي والأمعاء إلى اختبارات أخرى مُخصصة.
يمكن للمصابين بهذه الحالة الصحية اتباع نظام غذائي منخفض الهيستامين لفترة قصيرة، يضم الحبوب الكاملة والتوابل والحلويات والمكسرات واللحوم والألبان والأسماك الطازجة؛ لتخفيف الأعراض والسيطرة عليها ويجب المتابعة مع الطبيب لأن الاستمرار على هذا النظام يمكنه التسبب في سوء التغذية.