يُعد النوم حاجةً فسيولوجيةً أساسيةً للحصول على الراحة واستعادة النشاط، لكن الدراسات الحديثة تكشف مفارقةً مثيرةً للاهتمام: فعلى الرغم من حصول النساء على ساعات نوم أطول مقارنةً بالرجال، إلا أنهن أكثر عُرضةً للإصابة بالأرق واضطرابات النوم، ويعزو الباحثون هذه الظاهرة إلى عوامل صحية ونفسية متعددة، تتراوح بين التقلبات الهرمونية وضغوط الحياة اليومية.
في دراسةٍ نُشرت بمجلة Sleep عام 2021، اعتمد الباحثون على تقنية تخطيط النوم لتحليل أنماط النوم لدى الجنسين، وأظهرت النتائج أن النساء يحصلن في المتوسط على 19 دقيقة نوم إضافية مقارنةً بالرجال، مع تمتعهن بنومٍ أعمق وأكثر راحةً، حسب Times of India.
حصول النساء على ساعات نوم أطول من الرجال
كشفت الدراسات أن النساء يحتجن لنوم أكثر من الرجال، لعدة عوامل رئيسية:
1. التبدلات الهرمونية: تمر النساء بتغيرات هرمونية كبيرة خلال الدورة الشهرية والحمل وسن اليأس، ما يؤثر على أنماط النوم.
2. النشاط الدماغي المكثف: تميل أدمغة النساء للعمل في عدة مهام، ما يتطلب وقتاً أطول للتعافي.
أظهرت نتائج الدراسة أن جودة النوم تتأثر بشكل مختلف بين الرجال والنساء مع التقدم في العمر؛ فبينما يعاني الرجال من تدهور ملحوظ في جودة نومهم كلما تقدموا في السن، تحافظ النساء على استقرار نسبي في نوعية نومهن.
ورغم زيادة ساعات نومهن، تعاني كثير من النساء من صعوبة الوصول للنوم العميق، والاستيقاظ المتكرر ليلاً، والشعور بعدم الراحة صباحاً، ويرجع ذلك لارتباط نومهن بالحالة النفسية والعاطفية أكثر من الرجال، ما يجعل جودة النوم أقل حتى مع زيادة مدته.
تعاني النساء من تبعات صحية خطيرة نتيجة اضطرابات النوم المتكررة، حيث يعد فقر الدم الناتج عن نقص الحديد واختلال وظائف الغدة الدرقية من أكثر المضاعفات الجسدية شيوعاً، كما يتردد صداها على الصحة النفسية، ما يزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب واضطرابات القلق، والحالات المرتبطة بالصدمات النفسية، فضلاً عن الميل إلى الإفراط في التفكير.
واللافت للانتباه أن هذه التحديات تظهر رغم حصول النساء على ساعات نوم ليلية كافية مقارنةً بالرجال، إلا أن فرصهن في الحصول على قيلولة منعشة أو فترات راحة قصيرة خلال النهار تظل محدودة للغاية، وهنا تكمن المفارقة: فالمشكلة لا تنحصر في عدد ساعات النوم، بل في الافتقار إلى فترات استرخاء حقيقية ونظام دعم يومي يمكنهن من إعادة شحن طاقتهن الجسدية والعاطفية.
تداعيات اضطرابات النوم لدى النساء
تظهر الأبحاث أن أدمغة النساء تختلف في تركيبها العصبي ووظائفها عن أدمغة الرجال، ما يجعل احتياجاتهن من النوم أكثر وضوحاً، حيث تحتاج المرأة في المتوسط إلى 20-30 دقيقة نوم إضافية يومياً مقارنة بالرجل، ويعزى هذا الاختلاف إلى:
1. تعقيد النشاط الدماغي: حيث تميل أدمغة النساء إلى ممارسة تعدد المهام بشكل مكثف خلال اليوم
2. التقلبات الهرمونية: التي تؤثر مباشرة على أنماط النوم وجودته
3. الحساسية العاطفية: التي تتطلب فترة أطول للتعافي النفسي
وعند حرمانهن من هذه الاحتياجات، تظهر آثار واضحة تشمل:
- ارتفاع مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر) بنسبة 40% مقارنةً بالرجال.
- تفاقم المشاعر السلبية مثل العدائية والاكتئاب بنسبة 25%.
قلة النوم تفاقم المشاعر السلبية مثل العدائية والاكتئاب بنسبة 25%
- زيادة التفاعل العاطفي مع المواقف الضاغطة.
بالمقابل، يعاني الرجال من اضطرابات النوم لأسباب مختلفة غالباً ما ترتبط بـ:
- العوامل المهنية والضغوط العملية
- المشكلات الجسدية مثل انقطاع النفس النومي
- أنماط الحياة غير المنتظمة
هذه الفروق العصبية والنفسية تفسر لماذا تكون آثار قلة النوم أكثر حدةً وتأثيراً على الصحة العامة للنساء مقارنةً بالرجال.