أشارت دراسة نُشرت في مجلة JAMA Pediatrics إلى أن الإفراط في استخدام الشاشات خلال مرحلة الطفولة المتأخرة (من سن 9 إلى 10 سنوات) يرتبط بتغيرات في نمو الدماغ قد تؤدي إلى زيادة أعراض الاكتئاب خلال فترة المراهقة المبكرة (من سن 11 إلى 13 عاماً).
وتعد هذه النتائج مؤشراً جديداً على التأثيرات العصبية والنفسية طويلة المدى التي قد يسببها الاعتماد المفرط على الأجهزة الإلكترونية لدى الأطفال.
أجرى الدراسة الدكتور جواو باولو ليما سانتوس (João Paulo Lima Santos, M.D.) من جامعة بيتسبرغ، ضمن إطار دراسة النمو المعرفي والسلوكي للمراهقين (ABCD Study) وهي واحدة من أكبر الدراسات الطولية في الولايات المتحدة التي تتابع تطور الأطفال على مدى سنوات.
شملت العينة 976 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 9 و10 سنوات وتمت متابعة حالاتهم حتى سن 13 عاماً حيث رُصدت مؤشرات نفسية وتشريحية مختلفة مع التركيز على النوم والبنية العصبية للدماغ.
يُنصح بتقليل وقت الشاشات
وجد الباحثون أن كل ساعة إضافية من استخدام الشاشة يومياً بين عمر 9 و10 سنوات ارتبطت بزيادة بمقدار 0.12 نقطة في مقياس الاكتئاب وفقاً لاختبار Child Behavior Checklist في عمر 11 إلى 13 سنة.
ورغم أن هذه الزيادة تبدو صغيرة من الناحية العددية فإنها تعكس نمطاً عاماً يُظهر أن الاستخدام المفرط للشاشات في الطفولة يمكن أن يترك أثراً نفسياً مستمراً.
أوضحت الدراسة أن هذه العلاقة بين وقت الشاشة وأعراض الاكتئاب ليست مباشرة فقط، بل تتوسطها عوامل أخرى حيث تبين أن قلة النوم إضافة إلى تدهور تنظيم الحزمة العصبية المسماة cingulum bundle (المسؤولة عن التنسيق بين مناطق الدماغ المرتبطة بالمشاعر والانتباه) ساهمت بنسبة 36.4% من هذا التأثير.
واستخدم الباحثون مؤشر "تشتت التوجه" (Orientation Dispersion Index) كمقياس لتقييم مدى تدهور بنية المادة البيضاء في الدماغ وهو ما ارتبط سلباً بزيادة وقت الشاشة.
النوم وتركيبة الدماغ كعوامل وسيطة
في تعليق على الدراسة، قال الدكتور إيفان بافكوفيتش، طبيب الأعصاب للأطفال في مركز كوهين للأطفال بمدينة نيويورك: "نحن كأطباء أعصاب أطفال نرى هذه التأثيرات يومياً، الأطفال يقضون وقتاً أطول أمام الشاشات سواء لأغراض تعليمية أو اجتماعية وفي المقابل يحصلون على قدر أقل من النوم، إنها ظاهرة منتشرة على مستوى البلاد".
وأضاف: "قلة النوم لدى الأطفال تحولت إلى وباء صامت يؤثر على صحتهم العقلية والنفسية، وهذه الدراسة تعزز من الحاجة إلى تدخل مبكر وإعادة تقييم أنماط الحياة الرقمية لدى الجيل الصغير".