أشارت دراسة نُشرت في مجلة "Circulation Research" إلى أن العمر الذي تمر فيه المرأة بمرحلة انقطاع الطمث قد يؤثر بشكل مباشر على صحة القلب والأوعية الدموية في سنواتها اللاحقة.
ووجد الباحثون أن النساء اللاتي توقفن عن الحيض في سن متأخرة كانت أوعيتهن الدموية أكثر صحة كما كنّ أقل عرضة للإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية مقارنةً بنظرائهن اللاتي دخلن في سن اليأس في وقت مبكر.
مرحلة انقطاع الطمث قد يؤثر بشكل مباشر على صحة القلب
وأظهرت الدراسة أيضاً أن النساء اللاتي مررن بانقطاع الطمث في وقت متأخر امتلكن مستويات دهون أكثر توازناً ومؤشرات أقل للإجهاد التأكسدي في الدم وهو ما قد يفسر الفجوة في صحة القلب بين المجموعتين.
وقالت الباحثة الأولى في الدراسة، سانا دارفيش، طالبة الدكتوراه في قسم الفسيولوجيا التكاملية بجامعة كولورادو بولدر: "حدد بحثنا أن هناك فائدة فسيولوجية حقيقية لانقطاع الطمث في سن متأخرة، وهو من أوائل الدراسات التي تحدد الآليات المحددة وراء هذه الفوائد".
في هذه الدراسة تم تحليل بيانات 21 امرأة قبل انقطاع الطمث و71 امرأة بعده وتم تصنيف المجموعة الأخيرة إلى فئتين: "انقطاع الطمث الطبيعي" و"انقطاع الطمث المتأخر".
تأثير انقطاع الطمث المبكر على الأوعية الدموية
اعتمد الباحثون على تقنية تُعرف باسم "brachial artery flow-mediated dilation" لقياس كفاءة توسع الشريان العضدي في الذراع عند تدفق الدم، كأحد مؤشرات صحة الأوعية.
كما فحص الفريق وظائف الميتوكوندريا داخل خلايا الأوعية الدموية ومستويات الهرمونات والدهون وجزيئات أخرى في الدم، وكما هو متوقع كانت وظائف الأوعية لدى جميع النساء بعد انقطاع الطمث أضعف من نظيراتهن قبل هذه المرحلة وهو أمر يرتبط بانخفاض هرمون الإستروجين وتقدم العمر.
لكن المثير أن النساء في مجموعة "انقطاع الطمث المتأخر" أظهرن تراجعًا أقل في كفاءة الأوعية بنسبة 24% فقط مقارنة بنسبة 51% في مجموعة "الانقطاع الطبيعي"، كما أظهرت المجموعة الأولى وظائف ميتوكوندريا أفضل ومعدلات إجهاد تأكسدي أقل.
وأوضح ماثيو روسمان، المؤلف المشارك في الدراسة وأستاذ الأبحاث المساعد بجامعة كولورادو بولدر: "تشير بياناتنا إلى أن النساء اللاتي ينتهين من الطمث في عمر متأخر يملكن نوعًا من الحماية الطبيعية ضد تدهور الأوعية الناتج عن الإجهاد التأكسدي بمرور الوقت".
رغم أن النساء اللاتي يمررن بانقطاع الطمث في وقت متأخر يتمتعن بصحة قلبية أفضل نسبياً فإن جميع النساء يتعرضن لخطر متزايد للإصابة بأمراض القلب بعد هذه المرحلة ويُعزى ذلك إلى تراجع مستويات هرمون الإستروجين الذي يلعب دورًا وقائيًا مهمًا في الجهاز القلبي الوعائي.
تقول كيمبرلي سكيلدينغ، رئيسة قسم أمراض القلب في مركز Jersey City Medical Center التابع لـRWJBarnabas Health: "مع انخفاض الإستروجين تبدأ النساء في فقدان تأثيره الوقائي"، مشيرة إلى أن كثيرًا من النساء يشهدن ارتفاعًا في ضغط الدم والكوليسترول خلال هذه الفترة، حتى دون تغييرات في نمط الحياة.
دور الإستروجين في حماية القلب
وأكدت بريتاني أوين، طبيبة القلب في UTHealth Houston، أن "كلما طالت فترة إنتاج الإستروجين، زادت الحماية القلبية"، لافتة إلى أن الشرايين التاجية تكون أكثر مرونة قبل انقطاع الطمث.
وقد أظهرت أبحاث سابقة أن الإستروجين يساهم في الحفاظ على وظائف الأوعية والميتوكوندريا، إلا أن مزيدًا من الدراسات لا يزال ضروريًا لفهم الآليات الدقيقة لهذا التأثير، كما أوضحت أوين.
كيف نحمي القلب أثناء وبعد سن الأمل؟
رغم عدم القدرة على التحكم في توقيت انقطاع الطمث يمكن للنساء تقليل مخاطر أمراض القلب عبر اتباع نمط حياة صحي، وتوصي الجمعية الأمريكية للقلب "American Heart Association" والكلية الأمريكية لأمراض القلب "American College of Cardiology" باعتبار سن انقطاع الطمث عاملاً معدّلاً للخطر القلبي.
تشمل النصائح تناول نظام غذائي غني بالخضراوات والفواكه، والتقليل من اللحوم والأجبان، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام -بمعدل 30 دقيقة في معظم أيام الأسبوع- إضافةً إلى مراقبة مستويات الكوليسترول، كما أن النوم الجيد -رغم صعوبته خلال هذه المرحلة- يعد ضرورياً لحماية القلب.