صوت العائلة علاج لمرضى العناية المركزة.. تقنية بسيطة تخفّض الهذيان
رسائل العائلة المسجّلة تقلل الهذيان في العناية المركزة
يُعدّ الهذيان (Delirium) من أكثر المضاعفات شيوعًا لدى المرضى المصابين بأمراض حرجة والمتصلين بأجهزة التنفس الصناعي، ويؤدي هذا الاضطراب العصبي المفاجئ إلى تشوش الوعي وضعف التركيز، كما يرتبط بزيادة الوفيات وطول الإقامة في المستشفى وحتى تدهور القدرات الإدراكية على المدى الطويل.
ورغم أن الأبحاث السابقة أظهرت إمكانية الوقاية من الهذيان في نحو 40% من الحالات إلا أن معظم الجهود انصبت على الأدوية التي غالبًا ما فشلت في تحقيق نتائج فعالة.
صوت العائلة دواء نفسي
صوت العائلة دواء نفسي للمصابين بالهذيان
في محاولة لإيجاد بديل غير دوائي، طوّر باحثون من "جامعة فلوريدا أتلانتيك" الأمريكيةتدخلاً جديدًا يُعرف باسم Family Automated Voice Recording (FAVoR).
الفكرة بسيطة ومؤثرة تتمثل في تشغيل رسائل صوتية مسجّلة من أحد أفراد العائلة للمرضى في العناية المركزة خلال ساعات النهار لتذكيرهم بالمكان والزمان وطمأنتهم بوجود أحبائهم حتى وإن لم يتمكنوا من زيارتهم فعليًا.
يهدف هذا الأسلوب إلى إعادة توجيه وعي المريض نحو الواقع وكسر العزلة النفسية التي ترافق الإقامة في بيئة العناية المركزة.
تفاصيل الدراسة
نُشرت الدراسة في مجلة "JAMA " وشملت 178 مريضًا بالغًا في تسع وحدات عناية مركزة بمستشفيين في جنوب فلوريدا.
قُسّم المشاركون إلى مجموعتين:
1-مجموعة FAVoR (عددها 89 مريضًا) تلقت الرسائل الصوتية العائلية.
2-مجموعة الرعاية التقليدية (89 مريضًا) لم تتلقَ هذه الرسائل.
وتم تقييم الهذيان مرتين يوميًا على مدى 7 أيام باستخدام أداة" Confusion Assessment Method for the ICU (CAM-ICU)" وهي أداة طبية معتمدة عالميًا لقياس الهذيان في المرضى.
انخفاض ملحوظ في الهذيان للمرضى
انخفاض ملحوظ في الهذيان
أظهرت النتائج أن المرضى الذين استمعوا إلى الرسائل الصوتية المسجّلة من عائلاتهم قضوا عددًا أكبر من الأيام دون أعراض هذيان مقارنة بالمجموعة الأخرى، كما تبين أن كلما زادت عدد المرات التي سمع فيها المريض الرسائل قلّ خطر إصابته بالهذيان، ما يشير إلى علاقة مباشرة بين "جرعة الصوت العائلي" وتحسن الحالة الذهنية.
وخلص الباحثون إلى أن التدخل كان فعالًا وبسيطًا وقليل التكلفة ويمكن تطبيقه بسهولة في وحدات العناية المركزة دون الحاجة إلى موارد إضافية كبيرة.
أهمية النتائج في عالم الطب
تشير الدراسة إلى أن الأصوات المألوفة من أفراد العائلة قد تساعد المريض في الحفاظ على توازنه الذهني في بيئة العناية المركزة المليئة بالأجهزة والأصوات الغريبة، كما تبرز أهمية إشراك العائلة في رعاية المرضى حتى عندما تمنع سياسات الزيارة أو ظروف مثل جائحة COVID-19 من وجودهم الفعلي بجانب المريض.
وبحسب الباحثين، فإن الرسائل المسجّلة توفر وسيلة إنسانية وجديدة للحفاظ على الترابط الأسري مع إمكانية تقليل المعاناة النفسية وتحسين فرص الشفاء.
