التوتر والقلق العدو الخفي الذي يوقف تدفق حليب الأم أثناء الرضاعة

إنتاج حليب الأم ليس مجرد عملية جسدية بل هو تفاعل دقيق بين الجسم والنفس، فبحسب مراجعة بحثية نُشرت في "PubMed" فالحالة النفسية للأم بعد الولادة مثل القلق والتوتر والإرهاق العاطفي تؤثر بشكل مباشر على هرمونات الرضاعة وأبرزها الأوكسيتوسين والبرولاكتين، فهذه الهرمونات مسئولة عن تدفق الحليب وتحفيز إنتاجه وأي اضطراب نفسي قد يؤدي إلى انخفاض كميته أو صعوبة خروجه؛ لذلك فإن الحفاظ على الهدوء والراحة النفسية يعدّ من أهم عوامل نجاح الرضاعة الطبيعية.

كيف تدفع الأمهات صحة عظامهن ثمنا للرضاعة الطبيعية؟تأثير التوتر على حليب الأم 

التوتر والقلق: العدو الصامت للرضاعة

يوجد علاقة سلبية قوية بين التوتر النفسي وإنتاج الحليب خاصة خلال الأسابيع الأولى بعد الولادة، فعندما تشعر الأم بالضغط أو القلق يفرز الجسم هرمون الكورتيزول الذي يعيق إفراز الأوكسيتوسين ويجعل عملية الرضاعة أكثر صعوبة.

في المقابل لوحظ أن الأمهات اللواتي تلقين دعمًا نفسيًا من العائلة أو الفريق الطبي كانت لديهن كميات أكبر من الحليب كما شعرن بارتياح أكبر أثناء الرضاعة.

هل قلة النوم تسبب الإصابة بالبرد؟قلة النوم وتأثيره على حليب الأم

قلة النوم وتأثيرها على الهرمونات

قلة النوم من أكثر العوامل شيوعًا بعد الولادة لكنها قد تُحدث خللاً في التوازن الهرموني، فالأمهات اللواتي لا يحصلن على قسط كافٍ من الراحة يعانين من انخفاض في هرمون البرولاكتين المسؤول عن تحفيز إنتاج الحليب.

وأوضحت دراسة حديثة في مجلة "The International Journal of Nursing Studies" أن تحسين جودة النوم من خلال فترات راحة قصيرة أو نوم نهاري يمكن أن يزيد من إفراز الحليب ويقلل التوتر العصبي.

عادات الرضاعة والسلوكيات اليومية

العادات اليومية للأم لها تأثير مباشر على جودة الرضاعة، فعلى سبيل المثال الرضاعة المنتظمة كل 2–3 ساعات تساعد على تحفيز الثدي لإنتاج المزيد من الحليب، بينما تأخير الرضاعة أو القلق أثناءها يضعف الاستجابة الهرمونية.

كما أن الجلوس المريح والترطيب الجيد وتناول الغذاء المتوازن من العوامل التي تدعم نجاح الرضاعة الطبيعية، وقد وجدت مراجعة علمية في مجلة "Maternal and Child Health Journal" أن توفير بيئة هادئة للأم أثناء الإرضاع يرفع تركيزها بالأوكسيتوسين مما يسهل عملية تدفق الحليب.

الدعم الاجتماعي والعمل

تظهر الأبحاث أن الدعم الاجتماعي والعملي يلعبان دورًا لا يقل أهمية عن الجانب الطبي، فالأمهات اللواتي يحصلن على مساعدة من الأسرة أو شريك داعم يتمكنّ من الرضاعة لفترات أطول، كما أن بيئات العمل التي توفر إجازات أمومة كافية وغرف رضاعة مخصصة تسهم في تقليل القلق وزيادة إنتاج الحليب،.

إضافة إلى ذلك، تُشير الأبحاث إلى أن التثقيف النفسي والبرامج التوعوية بعد الولادة تساعد الأمهات على فهم التغيرات الجسدية والنفسية وتعزز ثقتهن بقدرتهن على الإرضاع.