أدلة جديدة تربط الهاتف الذكي بالاكتئاب وقلة النوم عند المراهقين

أصبح الهاتف الذكي جزءاً أساسياً من حياة المراهقين لكن أبحاثاً حديثة تشير إلى أن هذه الأجهزة قد تحمل آثاراً غير متوقعة على صحتهم النفسية والجسدية، فبينما يرى الكثير من الأهالي أن منح الطفل هاتفاً خطوة طبيعية لمواكبة العصر أو لضمان التواصل تكشف البيانات العلمية أن هذه الخطوة تحتاج إلى تفكير أعمق.

آلام النمو عند الأطفالالهواتف الذكية تسبب اكتئاب المراهقين 

قلق متزايد حول تأثير الهواتف على صحة المراهقين

تزايدت المخاوف المجتمعية في السنوات الأخيرة حول علاقة الهواتف الذكية بازدياد معدلات القلق و الاكتئاب بين المراهقين، ورغم وجود دراسات سابقة تربط وقت الشاشة عمومًا بمشكلات سلوكية وصحية إلا أن الأدلة التي تحدد تأثير الهاتف الذكي تحديداً على صحة المراهقين بقيت محدودة.

من هنا جاءت دراسة مشتركة من "مستشفى فيلادلفيا للأطفال" بالتعاون مع باحثين من جامعة كاليفورنيا في بيركلي وجامعة كولومبيا في نيويورك لتسد هذه الفجوة، ونُشرت النتائج في مجلة "PEDIATRICS" كاشفةً عن علاقة واضحة بين امتلاك الهاتف الذكي في سن مبكرة وارتفاع مخاطر الاكتئاب و السمنة وقلة النوم.

كيف يسرق سلس البول نوم الأطفال ويعيق تفاعلهم الاجتماعي؟تأثير الهواتف الذكية على نوم المراهقين 

دراسة واسعة على أكثر من 10 آلاف مراهق

اعتمد الباحثون على بيانات جمعت بين عامي 2018 و2021 ضمن دراسة "ABCD" التي تُعد من أكبر الدراسات في تتبع نمو الدماغ والسلوك لدى المراهقين، حيث شملت العينة أكثر من 10 آلاف مراهق من مختلف الولايات الأمريكية وتم تحليل علاقة امتلاك الهاتف الذكي وعمر الحصول عليه بعوامل مثل الحالة النفسية والنوم والوزن.

وراعى الباحثون عوامل متعددة مثل الوضع الاقتصادي والاجتماعي وامتلاك أجهزة أخرى ومستوى البلوغ ومراقبة الأهل لضمان أن النتائج مرتبطة بالهاتف الذكي نفسه وليس بظروف أخرى.

نتائج تربط الهاتف الذكي باكتئاب مبكر

أظهرت النتائج أن امتلاك هاتف ذكي عند عمر 12 عاماً يرتبط بزيادة مخاطر الاكتئاب والسمنة وقلة النوم مقارنة بعدم امتلاكه، وكلما كان العمر أصغر عند الحصول على الهاتف ارتفعت احتمالات السمنة و اضطرابات النوم.

كما كشف الباحثون أن المراهقين الذين لم يكن لديهم هاتف عند سن 12 ثم حصلوا عليه خلال العام التالي أي عند سن 13 واجهوا مخاطر أعلى باضطرابات النوم ومشكلات الصحة النفسية مقارنة بأقرانهم الذين لم يحصلوا على هاتف بعد.

الهاتف ليس شراً مطلقاً لكن القرار يحتاج إلى حكمة

يوضح الدكتور ران بارزيلاي، الباحث الرئيسي وطبيب نفسي للأطفال والمراهقين، أن الهدف ليس شيطنة الهواتف الذكية بل لفت الانتباه إلى ضرورة اتخاذ قرار مدروس، فالهاتف قد يسهّل التعلم ويدعم التواصل الاجتماعي ويمنح المراهق مصادر معرفة مفيدة، وفي بعض الأسر يُعد وسيلة ضرورية للسلامة والتواصل اليومي.

لكن في المقابل، قد يؤدي سوء الاستخدام إلى مشكلات تتعلق بالنوم والتعرض لمحتوى غير مناسب وانخفاض النشاط البدني.

اتجاهات بحثية مستقبلية

يخطط الباحثون لدراسة أنواع التطبيقات والأنشطة التي قد تساهم في التأثير السلبي إضافة إلى تحديد الفئات الأكثر عرضة للتأثر، فالهدف هو وضع إرشادات أفضل لحماية المراهقين خصوصاً مع ازدياد امتلاك الأطفال للهواتف في أعمار أصغر.

توصيات للأهل قبل تسليم الهاتف الأول

يشدد الباحثون على وضع قواعد واضحة منذ البداية عند استخدام الأطفال والمراهقين للهاتف وتشمل:

-تحديد اتفاق أسري يضبط كيفية استخدام الهاتف.

-وضع ضوابط للاستخدام في غرفة النوم أثناء الدراسة، أو على مائدة الطعام.

-ضبط الإعدادات لحجب المحتوى غير المناسب.

-مناقشة مشاكل مثل قلة النوم أو النزاعات المرتبطة بالهاتف وإيجاد حلول مشتركة.

كما يؤكد الباحثون أهمية منح المراهقين وقتاً يومياً بعيداً عن الهاتف للقيام بأنشطة بدنية تعزز الصحة النفسية وتقلل السمنة وهي عوامل قد تغير مستقبلهم الصحي على المدى الطويل.