علماء يكتشفون سر زيادة الأمراض خلال الشتاء

في حين يربط كثيرون برودة الطقس بنزلات البرد و آلام المفاصل تكشف دراسة علمية حديثة أن السبب أعمق من مجرد انخفاض درجات الحرارة.

أوضح باحثون في دراسة نُشرت في مجلة Nature Communications في سبتمبر 2025، أن تغير المواسم يؤثر على الجينات التي تتحكم في نشاط جهاز المناعة وهو ما يفسر زيادة معدلات الإصابة بالأمراض الالتهابية والمناعية خلال الشتاء.

الجينات تتبدل بتبدل الفصول

اعتمد فريق البحث على مراجعة دراسات وراثية وجينية واسعة النطاق (GWAS) لتحديد كيفية تفاعل الجينات المرتبطة بمرض التهاب المفاصل الروماتويدي مع العوامل البيئية خاصةً التغيرات الموسمية.

ووجد العلماء أن ما يقرب من ربع الجينات البشرية يتبدل نشاطها بين الصيف والشتاء حيث تنشط الجينات الالتهابية في الأجواء الباردة بينما تقلّ حدتها مع ارتفاع درجات الحرارة.

علاج التهاب المفاصلالتهاب المفاصل خلال موسم الشتاء

الشتاء موسم الالتهاب

توضح الدراسة أن الأشهر الباردة تُحدث تغيّرات في التعبير الجيني تؤدي إلى زيادة إفراز السيتوكينات الالتهابية مثل IL-6 وTNF-alpha مما يفسر تفاقم أعراض أمراض مثل التهاب المفاصل الروماتويدي خلال الشتاء، كما تبين أن الضغط الجوي المنخفض والرطوبة العالية يسهمان في تنشيط هذه الجينات الالتهابية مسببة تورم المفاصل وآلامًا حادة لدى المرضى.

وفي المقابل يعمل الصيف على تنشيط جينات مسؤولة عن حرق الدهون وتنظيم الطاقة ما يفسر انخفاض معدلات الالتهاب والشعور بالنشاط في الأجواء الدافئة.

اختلاف معدلات المرض بسبب الجينات والمناخ

تُظهر البيانات أن بعض الطفرات الوراثية تجعل أصحابها أكثر عرضة للتأثر بالمواسم، فالأشخاص الذين يحملون أنواعًا معينة من جينات HLA-DRB1 أو STAT4 أو PTPN22 لديهم قابلية أعلى لاضطراب الجهاز المناعي عند تغير الطقس ما يؤدي إلى ما يُعرف بـ"نوبات الالتهاب الموسمية".

ويقول الباحثون إن التفاعل بين العوامل الجينية والمناخية قد يفسر اختلاف معدلات المرض بين الدول إذ تُسجَّل معدلات إصابة أعلى في أوروبا وشمال آسيا مقارنة بالمناطق المدارية حيث تكون تقلبات الطقس أقل حدة.

أضرار عدم الاستحمام في الشتاءزيادة الأمراض في الشتاء

دلالات طبية مهمة

يرى الخبراء أن هذه النتائج قد تُغيّر الطريقة التي تُدار بها الأمراض المزمنة إذ يمكن أن تساعد في توقيت العلاجات أو تعديل الجرعات وفق الموسم بما يتناسب مع نشاط الجينات المناعية في كل فترة من السنة، كما تفتح الباب أمام تطوير علاجات موجهة تستهدف التغيرات الجينية الموسمية لتقليل حدة الالتهاب في الشتاء.

ويقول الباحث المشارك في الدراسة الدكتور كريس والاس من جامعة كامبريدج: "نحن نكتشف الآن أن أجسامنا تتبدل من الداخل مع تغير الفصول، تمامًا كما تتبدل الطبيعة من حولنا".