رجال بوزن زائد يتعرضون للتمييز في المتاجر.. ما آثاره النفسية؟

لطالما ارتبطت ظاهرة "التمييز القائم على الوزن" بالنساء، لكن دراسة حديثة نشرت في Journal of Applied Psychology تؤكد أن الرجال وبخاصة الشباب الذين يظهرون بوزن زائد يواجهون بدورهم تمييزًا اجتماعيًا دقيقًا أو ما يُعرف بـ"العدوانيات الصغيرة" (Microaggressions) في تعاملات الحياة اليومية.

تجربة ميدانية تكشف التحيز

قام باحثون بتصميم تجربة مبتكرة لاختبار ردود أفعال الناس تجاه المظهر الخارجي، شملت الدراسة 6 شباب تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عامًا يتمتعون بأوزان طبيعية وقياس محيط خصرهم 30 بوصة.

الحل لـ فقدان الوزنتجربة ميدانية تكشف التحيز

في المرحلة الأولى دخل هؤلاء الشباب أكثر من 100 متجر وهم يرتدون ملابسهم الاعتيادية، مدّعين أنهم إما يشترون هدية عيد ميلاد أو يتقدمون لوظيفة.

كانت هناك خمس مراقبات من النساء داخل المتاجر يتصرفن كعميلات عاديات مهمتهن تسجيل سلوك العاملين تجاه الشباب المشاركين مثل الترحيب والتواصل البصري ولغة الجسد أو طريقة إنهاء المحادثة.

عندما تغيّر المظهر تغيرت المعاملة

في المرحلة الثانية عاد نفس الشباب إلى 120 متجرًا آخر بعد أن تم تزويدهم ببدلات تحاكي السمنة ليظهروا بخصر يبلغ 40 بوصة ويرتدوا قمصانًا بمقاس "كبير جدًا".

وعند مقارنة النتائج لاحظ الباحثون أنه لم يكن هناك رفض مباشر أو علني من العاملين تجاه هؤلاء الزبائن ولكن التفاعل الاجتماعي كان أقل دفئًا بشكل واضح.

تبيّن أن العاملين تجنبوا التواصل البصري واختصروا الحديث وأظهروا علامات وجه تدل على عدم الارتياح، وبعبارة أخرى لم يكن التمييز صريحًا، بل تجلى في سلوكيات دقيقة ومتكررة تؤثر على جودة التفاعل الإنساني.

التمييز "الناعم" مشكلة غير مرئية

توضح مؤلفة الدراسة الدكتورة إنريكا راغز، أستاذة علم النفس بجامعة هيوستن، أن هذه السلوكيات تمثل ما يسمى بـ"التمييز التفاعلي الخفي" أو Microaggressions، أي الأفعال الدقيقة التي تعكس تحيزًا غير واعٍ ضد الأشخاص ذوي الوزن الزائد.

وتضيف أن هذه الأفعال رغم بساطتها الظاهرية تترك أثرًا نفسيًا واجتماعيًا طويل الأمد إذ يشعر الأفراد بأنهم غير مرحب بهم أو أقل استحقاقًا للتقدير.

وصمة الوزن بين الرجال

غالبًا ما تُركّز النقاشات حول "وصمة الوزن" على النساء إلا أن الباحثين يؤكدون ضرورة إدراج الرجال ضمن هذا الحوار خاصة وأنهم قد لا يميلون إلى الإبلاغ عن هذه التجارب بنفس القدر.

وقالت الدكتورة ميشيل هيبل، إحدى المشاركات في الدراسة، إن التمييز المرتبط بالمظهر الجسدي لا يفرق بين الجنسين وقد حان الوقت لتوسيع الوعي الاجتماعي بهذه الحقيقة.

قياس الوزن الصحيوصمة الوزن بين الرجال

كيف نكسر دائرة التحيز؟

يشير الباحثون إلى أن الخطوة الأولى نحو التغيير تكمن في إدراك الأفراد لتحيزاتهم اللاواعية، فبمجرد أن يدرك الشخص أنه يتصرف بطريقة سلبية تجاه الآخرين بسبب مظهرهم يمكنه تعديل سلوكه في المرات القادمة.

واقترح الفريق البحثي فكرة تدريبية غير تقليدية تنطوي على تجربة الأفراد ارتداء بدلات تحاكي السمنة ليتعرضوا بأنفسهم لما يختبره أصحاب الأوزان الزائدة في حياتهم اليومية مما يعزز التعاطف والتفاهم الإنساني.

الأثر النفسي طويل المدى

وتتفق هذه النتائج مع دراسة بريطانية نُشرت في وقت سابق هذا العام أظهرت أن التمييز المرتبط بالوزن يؤدي إلى زيادة معدلات الاكتئاب وتراجع جودة الحياة والرضا العام ما يجعل هذه الظاهرة قضية صحة نفسية واجتماعية في آن واحد.