أظهرت دراسة جديدة أن الرجال يفقدون جزءاً كبيراً من صداقاتهم خلال العقد الثالث من العمر، ما يجعلهم عرضة للعزلة النفسية والاجتماعية، حيث أظهر استطلاع للرأي -أجرته Movember UK ونُشر في مجلة Vice- أن نحو 12% فقط من الرجال الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاماً لديهم صديق مقرّب يمكنهم البوح له بمشكلة حياتية خطيرة.
ذكرت الدراسة أن أكثر من ربع الرجال يتواصلون مع أصدقائهم أقل من مرة في الشهر، فيما أقرّ 9% بأنهم لا يتذكرون آخر مرة تواصلوا فيها مع أصدقائهم.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن غياب الصداقات العميقة قد يؤدي لاحقاً إلى الاكتئاب والقلق وحتى الانتحار، ما يجعل وجود صديق مقرّب بمثابة عامل حماية للحياة النفسية.
تراجع الروابط الاجتماعية بين الرجال الشباب
تبدأ هذه الظاهرة عادة بعد التخرج من الجامعة حين تنشغل حياة الرجال بالعمل وتضيق مساحة الوقت المخصص للعلاقات الاجتماعية، حيث تشير الدراسة إلى أن الانتقال إلى بيئة العمل الجديدة يجعل العلاقات المهنية تطغى تدريجياً على الصداقات السابقة، ما يحدّ من فرص التواصل خارج نطاق الوظيفة.
كما أن الابتعاد عن نمط الحياة الحافل بالحفلات والسهرات يُعد من العوامل التي تُضعف الصداقات القديمة، حيث يتغيّر نمط الاهتمامات والأولويات مع التقدم في العمر فيميل الكثير من الرجال إلى تقليل الأنشطة الاجتماعية والتركيز على الاستقرار والسلوكيات الأكثر اتزاناً.
تُظهر النتائج أن العلاقات العاطفية أو الزواج يلعبان دوراً إضافياً في تراجع الروابط الاجتماعية، إذ تتغير الأولويات لتتركز على بناء الأسرة أو التطور المهني مما يقلل الوقت المخصص للقاء الأصدقاء أو التواصل المستمر معهم، ويُلاحظ أنه مع تقدم العمر يصبح الرجال أكثر انشغالاً بحياتهم الشخصية والمهنية ما يؤدي إلى تقلص دائرة الأصدقاء المقربين.
العلاقات العاطفية تغير الأولويات
أكد الخبراء أن امتلاك عدد محدود من الأصدقاء الحقيقيين أكثر فائدة من وجود شبكة واسعة من المعارف السطحية، فالصداقة العميقة تُعدّ عنصراً أساسياً لدعم الصحة النفسية، خاصة في مواجهة الأزمات الحياتية الكبرى، فالرجال الذين يحتفظون بروابط صداقة قوية يتمتعون باستقرار نفسي أكبر مقارنةً بمن يفتقرون إلى تلك العلاقات.
وأوضحت الدراسة أن ظاهرة فقدان الصداقات بين الرجال ترتبط بعوامل اجتماعية وثقافية متشابكة، أبرزها: ضغوط العمل، وتغيّر مفهوم الرجولة، والخوف من التعبير عن المشاعر، لافتةً إلى حاجة الرجال لإعادة النظر في علاقاتهم الاجتماعية، لأن غياب الصداقة الحقيقية قد يترك أثراً عميقاً على صحتهم النفسية والجسدية.