تشهد المكملات الغذائية رواجاً واسعاً بين الشباب والرجال الذين يسعون لبناء أجسام مثالية، لكن دراسة حديثة صادرة عن American Psychological Association كشفت عن جانب مقلق من هذا الاتجاه؛ إذ أظهرت أن عدداً كبيراً من الرجال يستخدمون المكملات بطريقة تتجاوز الغرض الذي صُممت من أجله إلى حد يشير إلى نوع جديد من اضطرابات الأكل.
يقول الباحثون إن المكملات يمكن أن تكون مفيدة عند استخدامها بشكل صحيح لكنها ليست عصا سحرية، فبينما يرى البعض أنها معجزة بنسبة 30%، إلا أن 70% منها أقرب إلى وهم تجاري، ومع ذلك يندفع كثير من الرجال نحو استخدامها المفرط في محاولة للوصول إلى أجساد عضلية تشبه تلك التي تروّج لها الإعلانات ووسائل التواصل الاجتماعي.
وتوضح الدراسة أن هذا الهوس لا يختلف كثيراً عن اضطرابات الأكل التقليدية، مثل فقدان الشهية أو الشره المرضي إذ يتحول التركيز على تحسين الشكل الجسدي إلى سلوك قهري يتجاوز الحدود الصحية.
المكملات الغذائية
شملت الدراسة 195 رجلاً تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاماً جميعهم يمارسون الرياضة بانتظام لأسباب تتعلق بالمظهر أو اللياقة، وبيّن 40% منهم أن استهلاكهم للمكملات ازداد مؤخراً، بينما أقرّ 22% بأنهم يستبدلون وجباتهم الأساسية بالمكملات رغم أنها لم تُصمَّم لتكون بدائل غذائية.
الأمر المقلق هو أن 29% من المشاركين أبدوا قلققاً من سلوكهم تجاه المكملات، ما يشير إلى إدراكهم للمشكلة مع عجزهم عن التوقف عنها، كما أبلغ 8% أن أطبّاءهم نصحوهم بالتوقف عن استخدامها، بينما أفاد 3% بأنهم تعرّضوا لمضاعفات خطيرة في الكبد والكلى بسبب الإفراط في تناولها.
لم تقتصر الدراسة على الجوانب السلوكية فقط بل تضمنت استبياناً حول صورة الجسد والثقة بالنفس والصراعات المتعلقة بالدور الاجتماعي للرجال، وتوصل الباحثون إلى أن الرجال الذين يعانون من تدنّي احترام الذات أو يشعرون بأن صورتهم الجسدية لا تعبّر عن الرجولة المثالية، هم الأكثر عرضة للإفراط في تناول المكملات.
بين الصورة الذكورية وضغط المجتمع
ويرى الباحثون أن مفهوم "الرجولة" تغيّر في العقود الأخيرة؛ فامتلاك سيارة فاخرة أو وظيفة مرموقة لم يعد رمزاً للهيمنة الذكورية كما في السابق، وبات المظهر الجسدي ولا سيما القوام الرياضي والعضلات البارزة أحد الرموز القليلة المتبقية لما يُعتبر "رجولياً"، هذا التحوّل جعل بعض الرجال يرون في الجسد المثالي آخر معاقل الهوية الذكورية فيسعون إليه بأي وسيلة كانت.
قال الدكتور ريتشارد أتشيرو في بيان صحفي: "الرجال الذين يسعون بدافع نفسي إلى بلوغ مستوى من الكمال الجسدي أو الرجولي يميلون إلى استخدام المكملات والعقاقير بشكل مفرط، وهو ما يُعدّ نوعاً من اضطرابات الأكل".
وأضاف أن انتشار المكملات القانونية حول العالم يجعل من الضروري فهم ومعالجة الأسباب النفسية التي تدفع إلى إساءة استخدامها إلى جانب الآثار الصحية الناتجة عنها.