تثقيف الآباء وحده لا يكفي للقضاء على سمنة الأطفال

كشفت مراجعة أدلة جديدة نُشرت في مجلة The Lancet أن البرامج التي تستهدف الآباء لمكافحة السمنة المبكرة لدى الأطفال لم تحقق النتائج المرجوة، وأوضحت المراجعة أن هذه البرامج التي تهدف إلى تعليم الآباء أساسيات التغذية والنشاط البدني والنوم الصحي، لم تُظهر أي تأثير على مؤشر كتلة الجسم (BMI) للأطفال عند بلوغهم عمر السنتين.

مؤشر كتلة الجسم يعد مقياساً شائعاً لتقدير نسبة الدهون في الجسم اعتماداً على الطول والوزن ويُستخدم عادة لتقييم خطر زيادة الوزن والسمنة، ومع ذلك لم تسجل أي من البرامج التي تم تحليلها تحسنًا ملحوظًا في هذا المؤشر.

كيف تحمي طفلك من السمنة وأضرارها الصحية؟مكافحة السمنة المبكرة لدى الأطفال

عبء غير عادل على الآباء

قالت الباحثة الرئيسية كايلي هانتر، زميلة الأبحاث بجامعة سيدني في أستراليا، إن من غير العادل إلقاء العبء على عاتق الآباء وحدهم لمحاربة العوامل الاجتماعية والثقافية التي تزيد من خطر السمنة لدى الأطفال.

وأضافت: "يلعب الآباء دوراً أساسياً، لكن دراستنا تؤكد أنه لا يمكن توقع خفض معدلات السمنة لدى الأطفال من خلال جهودهم فقط إذ يلزم اتخاذ إجراءات أوسع ومنسقة على مستوى المجتمع لتسهيل الخيارات الصحية للجميع أينما كانوا".

تحليل 17 تجربة سريرية

قام الباحثون بدمج بيانات من 17 تجربة سريرية شملت أكثر من 9 آلاف طفل دون سن الخامسة، وتركزت هذه البرامج على تطوير مهارات الآباء في مجالات التغذية والنشاط البدني ونمط النوم الصحي وتم تنفيذها في عدة دول من بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا.

وبحسب الدراسة فإن نحو 37 مليون طفل حول العالم دون سن الخامسة يعانون من زيادة الوزن أو السمنة وهي مشكلة قد تؤثر على صحتهم طوال حياتهم، ولهذا السبب اعتمدت حكومات عديدة هذه البرامج كإحدى استراتيجياتها الرئيسية للوقاية من السمنة في مرحلة الطفولة المبكرة لكن نتائج المراجعة أظهرت أن هذه الجهود لم تحقق الأثر المنشود.

أسباب عدم الفاعلية

أشارت الدكتورة آنا ليني سيدلر، من جامعة روستوك بألمانيا، إلى أن من بين أسباب ضعف فعالية هذه البرامج أن السنة الأولى من حياة الطفل غالبًا ما تكون مرهقة ومليئة بالتحديات للآباء، ما يحد من قدرتهم على الالتزام بتغييرات سلوكية كبيرة، مضيفة أن البرامج التي تُنفذ لاحقاً في الحضانات والمدارس وتستهدف البيئة المحيطة بالأطفال مباشرة قد تكون أكثر تأثيرًا.

وأوضحت "سيدلر" أن الأسر الأكثر تأثراً بالسمنة غالباً ما تنتمي إلى فئات اجتماعية واقتصادية أقل وهي الفئات التي لا تصلها هذه البرامج بالشكل الكافي إما بسبب ضيق الوقت أو نقص الموارد خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.

السمنة في المراهقة تهدد صحة أطفالكأسباب عدم الفاعلية

دعوة لسياسات أشمل

دعت "هانتر" إلى أن تركز الحكومات على معالجة العوامل المجتمعية التي تشجع على زيادة الوزن بدلًا من الاعتماد على جهود الآباء فقط، مشيرة إلى أهمية وضع سياسات تدعم خفض أسعار الأغذية الصحية وتوسيع الوصول إلى المساحات الخضراء وتنظيم تسويق الأغذية غير الصحية للأطفال كخطوة أساسية للحد من السمنة المبكرة.