تُعد إصابات الرأس من أكثر المشكلات الصحية التي تمرّ دون اهتمام كافٍ رغم تأثيرها العميق على الدماغ وصحة الذاكرة على المدى الطويل، وتشير أحدث الأبحاث الصادرة عن "جامعة كيس وسترن ريسرف" الأمريكية، إلى أن التدخل الطبي خلال الأسبوع الأول من الإصابة يمكن أن يخفض احتمال الإصابة بمرض الزهايمر بنسبة تصل إلى 41% ما يغيّر فهم الأطباء لطريقة التعامل مع هذه الحالات في غرف الطوارئ والمستشفيات.
إصابات الدماغ قد تتطور إلى الزهايمر
تصنّف إصابات الدماغ الرضحية (TBI) كأزمة صحية عالمية تؤثر على نحو 69 مليون شخص سنوياً وفق ما نُشر في مجلة "Journal of Neurosurgery"، وتنتج هذه الإصابات عن حوادث السيارات والرياضة والسقوط إضافة إلى الإصابات العسكرية.
وتُظهر دراسات سابقة أن الأشخاص الذين تعرضوا لإصابات دماغية يميلون إلى تطوير الزهايمر لاحقاً بسبب الالتهابات المزمنة التي تضعف الخلايا العصبية بمرور الوقت.
التدخل السريع لإصابات الرأس تحمي من المضاعفات
قام الباحثون بتحليل سجلات صحية لأكثر من 100 مليون مريض في أنظمة طبية مختلفة واختاروا 37 ألف شخص تراوحت أعمارهم بين 50 و90 عاماً عانوا من إصابات دماغية معتدلة أو شديدة.
وتكشف النتائج، المنشورة في مجلة "Journal of Alzheimer’s Disease"، أن العلاج خلال أول أسبوع خفض خطر الإصابة بالزهايمر بنسبة 41% خلال 3 سنوات، وانخفض الخطر بنسبة 30% خلال 5 سنوات مقارنة بمن تلقوا علاجاً متأخراً.
ويؤكد الباحث الرئيسي أوستن كينيمر، أن هذه النتائج تشير إلى أن التحرك سريعاً يُحدث فارقاً كبيراً على المدى الطويل.
يستند العلاج بعد إصابات الرأس إلى مفهوم إعادة تأهيل الدماغ أو "Neurorehabilitation"، الذي يعتمد على قدرة الدماغ في كل الأعمار على بناء وصلات جديدة واستعادة بعض وظائفه، ويتضمن:
-العلاج الطبيعي
-العلاج الوظيفي
-تأهيل الذاكرة والمهارات الإدراكية
-علاج النطق واللغة
وتشير دراسات معاهد الصحة الوطنية الأمريكية إلى أن المرضى الذين يتلقون هذا النوع من التأهيل خلال فترة العلاج بالمستشفى يُظهرون مستويات معرفية أعلى عند الخروج مقارنة بمن لم يتلقوه.
تشير نتائج الدراسة إلى إمكانية تعديل بروتوكولات الطوارئ للعناية بإصابات الرأس، بحيث يُعتبر التدخل المبكر جزءاً أساسياً من منع التدهور المعرفي مستقبلاً.
ويقول الباحث رونغ شو، المشرف على الدراسة ومدير مركز الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الأدوية في الجامعة، إن الفريق يعمل حالياً على دراسة أثر توقيت التأهيل العصبي على مخاطر أمراض أخرى مثل باركنسون.
تؤكد النتائج أن التدخل الفوري بعد إصابة الرأس ليس مجرد علاج للحالة الحادة بل استثمار في حماية الذاكرة والعقل لعقود قادمة، وكما يقول الباحثون: الحصول على العلاج فوراً قد يكون الفارق بين دماغ سليم وشيخوخة معرفية مبكرة.