تشير أدلة علمية متزايدة إلى أن الدهون الحشوية تلك المتراكمة بعمق داخل البطن حول الأعضاء الحيوية ليست مجرد مؤشراً على زيادة الوزن بل عامل مؤثر مباشر في صحة القلب وبنيته، وبينما يعتمد كثيرون على مؤشر كتلة الجسم لتقدير مخاطرهم الصحية تظهر دراسات حديثة أن قياس نسبة الخصر إلى الورك قد يوفر إنذاراً أدق.
الدهون الحشوية تختلف عن الدهون تحت الجلد فهي أكثر نشاطاً من الناحية الأيضية وتفرز مواد التهابية تؤثر في الأوعية الدموية و وظائف القلب، لذلك يرتبط تراكمها بارتفاع ضغط الدم واضطرابات التمثيل الغذائي وتطور أمراض القلب مع مرور الوقت.
ويؤكد أطباء القلب أن الأشخاص ذوي القوام النحيف قد يملكون نسبة مرتفعة من الدهون الحشوية ما يجعلهم عرضة للمخاطر نفسها التي يواجهها أصحاب الوزن الزائد.
تأثير الدهون الحشوية على وظائف القلب
في دراسة عُرضت خلال الاجتماع السنوي لـ "Radiological Society of North America" في شيكاغو، كشف باحثون من جامعة هامبورغ-إيبندورف الألمانية أن السمنة البطنية ترتبط بتغييرات واضحة في شكل القلب، تتجاوز ما يسببه الوزن الزائد وحده.
تابعت الدراسة 2,173 مشاركاً تتراوح أعمارهم بين 45 و74 عاماً خضعوا جميعاً لتصوير بالرنين المغناطيسي القلبي باستخدام جهاز بقوة 3 تسلا، وبدل الاعتماد فقط على مؤشر كتلة الجسم اعتمد الباحثون على نسبة الخصر إلى الورك (WHR) لتقييم الدهون الحشوية.
أظهرت النتائج أن ارتفاع نسبة الخصر إلى الورك (WHR) بمقدار 0.1 ارتبط بـ:
-زيادة كتلة البطين الأيسر بنحو 3.9 جرام.
-انخفاض ملحوظ في حجم الامتلاء الانبساطي والسُدَيّ الانقباضي لكلٍ من البطين الأيسر والأيمن، مما أدى إلى تناقص حجم الضربة القلبية.
-تأثير الدهون الحشوية كان أكبر لدى الرجال مقارنة بالنساء، حيث أظهرت النساء ارتباطاً أضعف بين نسبة الخصر إلى الورك وتغيرات البطين الأيمن.
في المقابل، أظهر ارتفاع مؤشر كتلة الجسم زيادة محدودة في حجم البطين الأيسر من دون أي تأثير واضح على البطين الأيمن، ما يعزز الفكرة بأن الدهون الحشوية وليس الوزن الكلي هي العامل الأكثر ضرراً على القلب.
لا يكفي الاعتماد على مؤشر كتلة الجسم فقط
أوضحت الباحثة جينيفر إرلي، أن الأطباء عند رؤية هذا النمط من إعادة تشكيل القلب غالباً ما يربطونه بأمراض مثل اعتلال عضلة القلب أو ارتفاع ضغط الدم، لكنها تشير إلى أن هذ التغيرات قد تكون ناتجة بشكل مستقل عن السمنة البطنية وهو ما يجب أن ينتبه إليه كل من أطباء الأشعة وأطباء القلب.
تسلّط نتائج الدراسة الضوء على ضرورة دمج قياسات نسبة الخصر إلى الورك في الفحوص الروتينية بدل الاكتفاء بالوزن أو مؤشر كتلة الجسم، فالشخص ذو الوزن الطبيعي قد يحمل في بطنه دهوناً حشوية خطرة لا تظهر في حسابات مؤشر كتلة الجسم BMI التقليدية.
كما تدعم هذه النتائج التوصيات العالمية التي تشدد على دور التغذية الصحية والتمارين الرياضية خصوصاً تلك التي تستهدف منطقة البطن في تقليل الدهون الحشوية وتحسين صحة القلب.