بينما يُعتمد على العلاج الإشعاعي كأحد الأعمدة الأساسية في علاج الأورام، أظهرت دراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature أن هذا النوع من العلاج قد يحمل آثاراً عكسية في بعض الحالات، حيث يؤدي إلى تحفيز نمو أورام خبيثة في أجزاء أخرى من الجسم لم تتعرض مباشرة للإشعاع.
وفقًا للدراسة فإن الجرعات العالية من الإشعاع قد تُطلق سلسلة من التغيرات البيولوجية داخل الورم المُستهدف أبرزها ارتفاع إنتاج بروتين يُدعى Amphiregulin، ما يُضعف جهاز المناعة ويُعزز قدرة الخلايا الورمية على مقاومة العلاج.
فائدة موضعية ومخاطر بعيدة المدى
قال الدكتور رالف فيكسلباوم، أستاذ علاج الأورام الإشعاعي والخلايا في جامعة شيكاغو وكبير الباحثين في الدراسة: "تُفتح هذه النتائج أمامنا باباً جديداً لفهم التأثيرات الجانبية للعلاج الإشعاعي على مستوى الجسم ككل"، مشيراً إلى أن فريقه يخطط لإجراء تجربة سريرية جديدة لتأكيد هذه النتائج.
وتأتي أهمية الدراسة من حقيقة أن ما يصل إلى 60% من مرضى الأورام يتلقون العلاج الإشعاعي كجزء من خطة العلاج الشاملة بحسب الملاحظات التمهيدية للبحث.
ورغم أن دراسات سابقة أظهرت قدرة الإشعاع على تقليص الأورام البعيدة أحياناً من خلال تحفيز الجهاز المناعي فإن حالات كثيرة أظهرت العكس إذ لوحظ ازدياد عدوانية الأورام غير المُعالجة بالإشعاع بعد تلقّي المريض للعلاج.
وأضاف "فيكسلباوم": "افترضنا في المختبر أن الجرعات العالية من الإشعاع قد تُعزز نمو الأورام البعيدة تحت ظروف معينة وهو ما قد يُفسّر بعض حالات فشل العلاج".
ولفهم الآلية حلل الباحثون عينات من خزعات مأخوذة من مرضى خضعوا لعلاج إشعاعي عالي الجرعة ومركّز، وأظهرت نتائج التحليل الجيني أن تلك الأورام نشّطت بشكل كبير جينات مرتبطة بإنتاج بروتين Amphiregulin.
في تجارب على الحيوانات لاحظ الباحثون أن حجب "Amphiregulin" باستخدام أدوية أو تقنيات جينية أدى إلى تقليص الأورام غير المُعالجة بالإشعاع بالتوازي مع الورم الأساسي.
كما كشفت اختبارات على عينات دم من تجربة سريرية ثانية شملت مرضى يعانون من أورام في الرئة أن العلاج الإشعاعي يزيد من مستويات Amphiregulin في الدم، ما يعزز إنتاج خلايا دموية مثبطة للمناعة.
العلاج الإشعاعي يزيد من مستويات Amphiregulin في الدم
بالإضافة إلى ذلك لوحظ أن بروتين Amphiregulin والإشعاع ساهما في رفع مستويات بروتين CD47 المعروف بكونه "إشارة عدم الالتهام" والذي تستخدمه الخلايا الورمية للهروب من هجوم الجهاز المناعي.
ولكن عندما تم حجب كل من Amphiregulin وCD47، حقق الباحثون نتائج فعالة في السيطرة على الأورام لدى الحيوانات المعالجة.
ويسعى الفريق حالياً إلى تطوير نماذج مخصصة من العلاج الإشعاعي تتوافق مع الخصائص الفردية لكل مريض لا سيما لدى الحالات التي انتشر فيها الورم إلى أجزاء أخرى من الجسم.