الوحدة المستمرة.. لماذا لا تحمي الأمومة من آثار الترمل النفسية؟

قد تعتقد كثير من النساء أن وجود الأبناء البالغين إلى جانبهن بعد وفاة الزوج قد يخفف من وطأة الفقد ويملأ فراغ الحياة اليومية، لكن دراسة حديثة نُشرت في مجلة Aging & Mental Health تشير إلى عكس ذلك تماماً.

روابط أقوى لكن الحزن لا يغادر

توصل الباحثون إلى أن وجود الأبناء لا يقلل من مشاعر الوحدة التي تعانيها المرأة بعد فقدان زوجها، رغم ما قد يحدث من تقارب أسري في هذه المرحلة الصعبة.

أوضحت الدراسة التي قادها ماكسيميليان تولكامب، الباحث في جامعة زيغن الألمانية، أن الترمل مرتبط بزيادة مستمرة في مشاعر الوحدة وأنه رغم تعزز العلاقات بين الأم وأبنائها فإن هذه العلاقة لا تبدد الشعور بالعزلة أو الفراغ العاطفي.

الوحدة تزيد الاكتئاب 5 أضعافروابط أقوى لكن الحزن لا يغادر

ترمل المرأة: أثر مضاعف نفسي واجتماعي

أظهرت نتائج الدراسة التي شملت أكثر من 5,600 شخص متزوج ممن لديهم أبناء بالغون أن 475 شخصاً فقدوا شركاء حياتهم خلال فترة المتابعة، وركزت الدراسة على التغيرات النفسية التي تطرأ بعد الترمل ومدى ارتباطها بوجود الأبناء أو التواصل المنتظم معهم.

تبين أن النساء وهن غالباً "الراعية العاطفية" للأسرة يتأثرن بعمق عند فقدان الزوج حتى في ظل وجود علاقات قوية مع الأبناء.

وأشار الباحثون إلى أن أصعب فترة تمتد لثلاث سنوات بعد الوفاة إلا أن مشاعر الوحدة قد تستمر حتى سبع سنوات لاحقة ما يجعلها عبئًا نفسيًا طويل الأمد.

الأمومة لا تحمي من الوحدة

رغم الاعتقاد السائد بأن الأم، بحكم قربها من أبنائها، ستكون أكثر قدرة على تجاوز مرحلة الفقد إلا أن الدراسة فنّدت هذه الفرضية، حيث أوضحت النتائج إن حتى الأمهات اللاتي يتمتعن بعلاقات جيدة ومنتظمة مع أبنائهن البالغين لم يَكُنّ أقل شعوراً بالوحدة من النساء اللاتي ليس لديهن أبناء.

وعلّق البروفيسور ماتياس بولمان-شولت، أحد المشاركين في الدراسة: "كنا نتوقع أن توفر العلاقات الأسرية الحماية النفسية لكن يبدو أن فقدان الزوج له أثر أعمق من أن تُداويه مشاعر الأمان الأسري فقط".

الشعور بالوحدةالأمومة لا تحمي من الوحدة

هل الصديقات والمعارف أكثر تأثيراً؟

أشارت الدراسة إلى أنها لم تتناول بشكل مباشر دور العلاقات غير الأسرية مثل الصديقات أو الجارات أو مجموعات الدعم في تقليل مشاعر العزلة بعد فقدان الزوج، إلا أن الباحثين رجّحوا أن التفاعل مع الدوائر الاجتماعية الأوسع قد يكون له تأثير أكبر على تقليل الشعور بالوحدة من العلاقات داخل الأسرة.

هذا يفتح الباب أمام تساؤلات حول أهمية وجود شبكة دعم متنوعة في حياة المرأة لا تقتصر على أبنائها فحسب بل تشمل صداقات وعلاقات اجتماعية تغذي الجانب العاطفي والإنساني الذي قد يفتقده القلب بعد الترمل.