تشير الدراسات الحديثة إلى أن العزلة الاجتماعية لا تشكل خطراً على الصحة النفسية فحسب، بل تمتد آثارها السلبية إلى الصحة الجسدية، وخاصةً فيما يتعلق بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري وارتفاع مستويات السكر في الدم، فخلافاً للاعتقاد السائد بأن الابتعاد عن الآخرين قد يقي من المشكلات الاجتماعية ويوفر راحة نفسية، فإن العزلة ترتبط بمضاعفات صحية خطيرة، من بينها صعوبة التحكم في مستويات الجلوكوز، ما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، لا سيما لدى كبار السن الذين لا يتلقون العلاج المناسب.
وفي هذا الصدد، كشفت دراسة حديثة أجرتها الدكتورة سامية خان من كلية كيك للطب بجامعة جنوب كاليفورنيا، أن العزلة الاجتماعية تزيد من احتمالية الإصابة بمرض السكري، وتؤكد هذه الدراسة -التي عُرضت نتائجها خلال الاجتماع السنوي لجمعية الغدد الصماء المنعقد في سان فرانسيسكو "ENDO 2025"- ضرورة التصدي للعزلة بكل الوسائل الممكنة، لتجنب المخاطر الصحية طويلة المدى، لاسيما تلك المتعلقة باضطرابات التمثيل الغذائي.
العزلة الاجتماعية تزيد خطر الإصابة بمرض السكري
يُعد مرض السكري من الاضطرابات الأيضية الخطيرة التي تحدث عندما يعجز الجسم عن إنتاج الكمية الكافية من الأنسولين، أو عندما لا يتمكن من استخدامه بكفاءة، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم. ويتطلب هذا الارتفاع تدخلاً طبياً فورياً وعلاجاً مناسباً لتجنب المضاعفات الصحية الخطيرة التي قد تنتج عنه، مثل: أمراض القلب والأوعية الدموية، والفشل الكلوي حيث يمكن أن تتدهور وظائف الكلى تدريجياً إلى أن تتوقف تماماً عن العمل، إضافةً إلى مشاكل في الرؤية، حسب صحيفة Times Of India.
تشير الدراسات إلى أن كبار السن الذين يعيشون في عزلة اجتماعية هم أكثر عُرضة للإصابة بمرض السكري بنسبة 34%، كما ترتفع لديهم احتمالية ضعف التحكم في مستويات السكر في الدم بنسبة 75% مقارنةً بأقرانهم الذين يتمتعون بحياة اجتماعية نشطة وسط الأهل والأحباء.
وتكشف هذه النسب المرتفعة عن تأثير العزلة الكبير على الصحة الجسدية، حيث تُعد بمثابة جرس إنذار يُحتم ضرورة الاهتمام بالصحة النفسية والاجتماعية لكبار السن، واتخاذ التدابير الوقائية لمساعدتهم على تجنب هذه المخاطر الصحية.
الفئات الأكثر عرضة للسكري من كبار السن
يتعين على مقدمي الرعاية الصحية وأفراد المجتمع إدراك الآثار الصحية العميقة للعزلة الاجتماعية، لا سيما بين كبار السن، حيث تُظهر الدراسات ارتباطاً وثيقاً بين العزلة وارتفاع معدلات الإصابة بمرض السكري، إذ يُنصح بضرورة تبني نهج وقائي، يشمل:
-المتابعة الدورية لكبار السن من قبل الأطباء والمختصين
-تعزيز الروابط الاجتماعية عبر إظهار الدعم العاطفي والمشاركة الفعالة
-التوعية المجتمعية بآثار العزلة على الصحة الجسدية
ويأتي ذلك في إطار الوقاية من الأمراض المزمنة، وعلى رأسها داء السكري الذي يعد من الحالات الصحية المصاحبة للمريض مدى الحياة، حيث قد يشكل الدعم النفسي والاجتماعي قد يشكل عاملاً حاسماً في الحفاظ على الصحة العامة، وتجنب العديد من المضاعفات الخطيرة.