يظل مرض القلب السبب الأول ويؤثر على ملايين الأشخاص كل عام، ومن بين العوامل التي تزيد خطر الإصابة بالأمراض القلبية يأتي ارتفاع الكوليسترول كأحد أهم المؤشرات التي قد تمر أحياناً دون أن يلاحظها الأطباء خصوصاً عندما يكون سببها وراثياً.
كشفت دراسة حديثة من "Mayo Clinic" أن الكثير من المرضى قد يعيشون لسنوات دون معرفة أنهم يحملون حالة وراثية خطيرة تُعرَف بـ"فرط كوليسترول الدم العائلي".
ارتفاع الكوليسترول يسبب النوبات القلبية
فرط كوليسترول الدم العائلي ليس مرضاً نادراً يصيب نحو 1 من كل 200 إلى 250 شخصاً حول العالم، تبدأ المشكلة منذ الولادة حيث ترتفع مستويات الكوليسترول الضار (LDL) بشكل كبير جداً ما يزيد احتمالية الإصابة المبكرة بتصلب الشرايين و النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
ورغم خطورته يظل كثير من الناس غير مُشخّصين، لأن المرض غالباً لا يسبب أعراضاً واضحة قبل حدوث مضاعفات خطيرة، وهنا تكمن أهمية الدراسة الحديثة التي أشارت إلى أن تجاهل العامل الوراثي يؤدي لفقدان فرصة اكتشاف مبكر كان من الممكن أن ينقذ حياة الكثيرين.
ارتفاع الكوليسترول الوراثي
نُشرت نتائج الدراسة في مجلة "Circulation: Genomic and Precision Medicine"، وأظهرت أن 90% من المصابين بالحالة الوراثية لم يكونوا سيخضعون للفحص الجيني وفق الإرشادات المتبعة حالياً، كما لم يكونوا يعلمون بحالتهم قبل إجراء فحص DNA ضمن دراسة بحثية على مستوى السكان.
ومن بين هؤلاء كان واحد من كل خمسة قد طوّر بالفعل مرض الشريان التاجي دون أن يعي أنه معرض وراثياً لهذه المخاطر.
يؤكد الدكتور نيلوي جويل سامادر، الباحث الرئيسي، أن الاعتماد فقط على مستوى الكوليسترول وتاريخ العائلة يخلق فجوة خطيرة في اكتشاف المرض، مشيراً إلى أن التشخيص المبكر يمكن أن يغيّر مسار المرض بالكامل.
اعتمدت الدراسة على تقنية "exome sequencing"، وهي فحص يركز على الأجزاء الجينية المسؤولة عن تصنيع البروتينات حيث تتركز أغلب الطفرات المسببة للأمراض.
شملت العينة أكثر من 84 ألف مشارك في مواقع "Mayo Clinic" في أريزونا وفلوريدا ومينيسوتا ضمن دراسة Tapestry التي تهدف لدمج علم الجينوم في الرعاية اليومية.
ووجد الباحثون 419 شخصاً يحملون طفرات معروفة تسبب المرض، المدهش أن 75% منهم لم يكونوا ليستوفوا معايير الفحص الجيني التقليدي ما يعني أن عدداً كبيراً من الحالات يمر دون تشخيص.
يشير الباحثون إلى أن المرحلة القادمة يجب أن تركز على إدخال الفحص الجيني ضمن الرعاية الروتينية ليس فقط للمرضى الذين ظهرت لديهم المشاكل بالفعل بل للبالغين الأصحاء المعرضين وراثيًا للإصابة.
ويأتي هذا ضمن مبادرة "Mayo Clinic" المعروفة باسم "Precure" والتي تهدف للتنبؤ بالأمراض الخطيرة قبل حدوثها من خلال دمج الابتكار الوراثي مع الرعاية الوقائية.
ويرى الخبراء أن التوسع في الفحص الجيني قد يمنح المرضى فرصة للبدء بعلاج مبكر يشمل تعديلات على نمط الحياة وأحياناً أدوية قوية لخفض الكوليسترول ما يساهم في تقليل خطر الإصابة بالأزمات القلبية و السكتات الدماغية على المدى الطويل.