تغيرت المفاهيم والثقافات بشكل كبير في العصر الذي نعيشه، وأصبح الآباء يفكرون في تأخير الإنجاب لفترة من الوقت، بسبب الحياة والانشغال الدائم في العمل، ولكن هل تقدم الآباء في العمر يؤثر على صحة المواليد؟
عندما نفكر في تأثير العمر على إنجاب الأطفال، فإننا نميل إلى التركيز على النساء، ولكن يتأثر الرجال بالعمر أيضاً، حيث تنخفض معدلات الخصوبة مع التقدم في السن، وترتفع احتمالية إصابة الأبناء بأمراض مثل التوحد والفصام وسرطان الدم، نقلاً عن "The Guardian".
كيف يؤثر الإنجاب في الأربعين على صحة المواليد
في ديسمبر 2022، نشر باحثون من جامعة "يوتا" ومؤسسات أخرى مراجعة شاملة لـ"تقدم سن الأب" وتأثيراته على الخصوبة ومشاكل الحمل وصحة الطفولة، وتبين أن الحيوانات المنوية للرجال في الأربعينيات والخمسينيات من العمر، تكون بالفعل أقل جودة من حيث الحجم والعدد والحركة والطفرات، نقلاً عن "BBC".
وأوضح الباحثون أن هذه التغيرات تعني أن عمر الأب المتقدم، يرتبط بارتفاع خطر التعرض للإجهاض والعقم، وأضافوا: "لقد أصبح من الواضح بشكل متزايد أن عمر الأب المتقدم، تمامًا مثل عمر الأم المتقدم، يرتبط بآثار صحية سيئة على النسل".
وبجانب ذلك، أفاد باحثون آخرون من جامعة ستانفورد أن الأب المتقدم في العمر، يتسبب في إنجاب أطفال يعانون من انخفاض الوزن عند الولادة، بالإضافة إلى زيادة معدلات الإصابة بسرطانات الأطفال المختلفة، والعيوب الخلقية في القلب.
خصوبة الرجال
يقول برنارد روبير، الأستاذ بجامعة ماكجيل في مونتريال والمتخصص في شيخوخة الجهاز التناسلي الذكري: "يفترض الناس أنه إذا كان هناك حيوان منوي يسبح ويستطيع اختراق البويضة، فكل شيء على ما يرام، لكن الأمر ليس كذلك".
وفي عام 2020، نشر "روبير" وزملاؤه بحثاً في مجلة "علم التخلق السريري"، يُظهر أن هناك تغيرات تحدث في العلامات الجينية بالحيوانات المنوية البشرية، وذلك عند التقدم في العمر.
وأضاف "روبير" أن الرجال ينتجون عدداً كبيراً من الحيوانات المنوية، حوالي 2000 مع كل نبضة قلب، ووصفها بأنها آلة مذهلة قادرة على إنتاج هذا العدد من الخلايا، ولكن المشاكل تتراكم مع تقدم الرجل في السن، وتكتسب الخلايا الجذعية المزيد من الطفرات المسببة للمشاكل الصحية.
وبناءً على ذلك، يكون الآباء الأكبر سناً أكثر عرضة لإنجاب أطفال، يعانون من عيوب خلقية مثل الشفة المشقوقة وهو تشوه يتسبب في وجود فتحة أو انشقاق في الشفة العليا، أو ثقب في الحجاب الحاجز.
كما تبدو نتائج التخصيب في المختبر أسوأ بالنسبة للرجال الأكبر سنًا، حيث أظهرت ورقة بحثية عام 2023 في مجلة "Journal of Assisted Reproduction and Genetics" نتائج 11 دراسة من بلاد مختلفة و10527 دورة للتبرع بالبويضات - تميل المتبرعات بالبويضات إلى أن تكون صغيرة السن - ووجدت أن زيادة عمر الذكور ارتبط بانخفاض طفيف في معدل المواليد الأحياء.
كما أن الأطفال الذين يولدون لآباء أكبر سناً هم أكثر عرضة للولادة المبكرة (بين 32 و37 أسبوعًا من الحمل)، أو مبكرًا جدًا (بين 28 و32 أسبوعًا من الحمل) مقارنة بأولئك الذين ينجبهم رجال أصغر سناً.