في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة ويزداد الاعتماد على المنتجات الجاهزة أصبحت الأطعمة المعالجة جزءاً أساسياً من النظام الغذائي اليومي للكثيرين، ورغم التحذيرات المتكررة من أضرارها الصحية لا يزال الإقبال عليها كبيراً ليس فقط بسبب طعمها أو سهولة تحضيرها بل لأن الابتعاد عنها بات تحدياً حقيقياً في ظل تنوعها الواسع وانتشارها في كل مكان من أرفف السوبر ماركت إلى وجبات الإفطار السريعة.
حقائق صادمة عن الأطعمة فائقة المعالجة
الأدلة العلمية على المخاطر الصحية للأطعمة فائقة المعالجة (Ultra-Processed Foods - UPFs) تتزايد يوماً بعد يوم، إذ تربط الدراسات بين الإفراط في تناولها وزيادة احتمالات الوفاة المبكرة، إضافة إلى مشكلات صحية أخرى كالتدهور المعرفي والخرف والاكتئاب والقلق وأنواع متعددة من الأورام وأمراض القلب والالتهابات ومقاومة الإنسولين واضطرابات الجهاز الهضمي والتمثيل الغذائي.
وبحسب دراسة لفريق بحثي من جامعتي Harvard وNortheastern بقيادة الدكتورة جوليا مينيكتي، فإن نحو 57% من النظام الغذائي الأمريكي يتكوّن من أطعمة فائقة المعالجة وتصل النسبة إلى الثلثين لدى الأطفال والمراهقين.
رغم كل هذه المخاطر لا يوجد حتى الآن تعريف دقيق موحد لماهية الأطعمة فائقة المعالجة، والنظام الأكثر استخداماً هو تصنيف Nova الذي طوره الدكتور كارلوس مونتيرو من البرازيل، ويقسم الأطعمة إلى 4 فئات، من غير المعالجة إلى فائقة المعالجة.
ووفقاً لهذا التصنيف تشمل الأطعمة المعالجة UPFs، الأطعمة المصنوعة كلياً أو جزئياً من مكونات مستخرجة من أطعمة طبيعية أو مصنعة في المختبر، وتكون مصممة لتكون جذابة للغاية وطويلة الصلاحية، وغالباً ما تكون غنية بالسعرات والدهون الضارة والنشويات المكررة والسكريات والملح وفق دراسة لـ"مونتيرو".
وفق دراسة رائدة نُشرت في عام 2019، فإن الأشخاص الذين تناولوا نظاماً غذائياً يحتوي على 81% من UPFs استهلكوا حوالي 500 سعرة حرارية إضافية يومياً مقارنة بنظام مماثل من حيث نسب البروتين والدهون والكربوهيدرات لكن دون أطعمة فائقة المعالجة، والنتيجة زيادة في الوزن خلال أسبوعين فقط.
لماذا نتناول المزيد من الأطعمة المعالجة؟
وترى الدكتورة ماريون نيستل أستاذة فخرية بجامعة نيويورك، أن النكهة القوية والسكر والملح في هذه الأطعمة تجعل الناس يتناولون المزيد منها، مما يساهم في السمنة وما يرتبط بها من أمراض، لكن هناك نظريات أخرى منها أن الجسم يمتص هذه الأطعمة بسرعة فلا تمنح إحساساً بالشبع أو أنها تفتقر للألياف اللازمة لصحة الميكروبيوم المعوي.
يشير الخبراء إلى احتمال تأثير "الزينوبيوتيك" وهي مركبات كيميائية صناعية مثل المواد الحافظة أو تلك المتسربة من العبوات إلى الطعام، على الصحة، ويشار بأصابع الاتهام إلى بعض المستحلبات مثل polysorbate-80 وcarboxymethylcellulose بالتسبب في التهابات الأمعاء وفق دراسات نشرت في مجلة "Gastroenterology"، حيث تعيق هذه الالتهابات امتصاص المغذيات وتؤثر على الأيض.
مكونات خفية فى الأطعمة المعالجة
رغم تعقيد المشهد يمكن اتباع بعض الاستراتيجيات البسيطة:
اختيار المنتجات ذات أقل نسبة من السكر المضاف.
إدخال مصادر لأوميجا-3 مثل السلمون والتونة.
التركيز على تناول الألياف (30-38 جراماً يومياً).
تتبع الأطعمة التي تزيد من الشهية أو تدفعك لتناول المزيد.