السعي المستمر وراء السعادة هو ما يجعلك تعيسًا.. كيف يؤثر في ذهنك؟

كشفت دراسة نُشرت في مجلة Applied Psychology: Health and Well-Being عام  2025، أن محاولة الإنسان الدائمة ليكون سعيدًا قد تؤدي إلى نتيجة عكسية تمامًا، فبدلًا من أن تحقق الراحة النفسية تستهلك هذه المحاولة موارد العقل وتضعف قدرة الفرد على ضبط النفس، ما يزيد احتمالية اتخاذ قرارات خاطئة تُقلل من شعوره بالسعادة.

البحث الذي أجرته جامعة تورنتو الكندية أوضح أن ما يُعرف بـ"مفارقة السعادة"، أي أن السعي لتحقيق السعادة يجعل الإنسان أقل سعادة، ليس مجرد ظاهرة نفسية غامضة بل له أساس علمي يرتبط باستنزاف الإرادة والطاقة الذهنية.

لابد من  ممارسة الرياضةممارسة الرياضة تجلب السعادة

استنزاف الإرادة وتراجع التحكم الذاتي

قال سام ماجليو، أستاذ التسويق في جامعة تورنتو ومشارك في إعداد الدراسة، إن السعي للسعادة يشبه تأثير يوم عمل طويل يُنهك العقل، فكلما حاول الإنسان جاهدًا أن يشعر بسعادة أكبر أصبح أكثر إرهاقًا ذهنيًا وأقل قدرة على الالتزام بعادات إيجابية مثل ممارسة الرياضة أو الامتناع عن الإفراط في تناول الطعام أو تصفح الهاتف بلا توقف.

ويضيف "ماجليو" أن هذه الحالة تشبه "كرة الثلج" فكلما حاول الفرد رفع مستوى سعادته زاد شعوره بالإرهاق الذهني ما يجعله يتراجع عن الأفعال التي تُسبب السعادة الحقيقية.

تجارب تثبت المفارقة

أجرى الباحثون سلسلة من التجارب على مئات المشاركين لقياس تأثير "السعي للسعادة" على ضبط النفس، ووجدوا أن الأشخاص الذين يبالغون في محاولاتهم للشعور بالسعادة يميلون إلى ضعف الالتزام بالمهام اليومية البسيطة التي تتطلب تركيزًا أو مجهودًا ذهنيًا.

في إحدى التجارب، عرض الباحثون على المشاركين إعلانات تتضمن كلمة "السعادة" ثم قدّموا لهم وعاءً من الشوكولاتة مع تعليمات بتذوقها وتقييم مذاقها، الأشخاص الذين تأثروا بالإعلانات أكلوا كميات أكبر ما أظهر انخفاضًا في قدرتهم على ضبط النفس مقارنة بغيرهم.

وفي تجربة أخرى، طُلب من مجموعة أن تختار بين عناصر يومية بناءً على ما قد يجعلها أكثر سعادة بينما اختارت مجموعة ثانية وفقًا لتفضيلاتها الشخصية، لاحظ الباحثون أن المجموعة الأولى أنهت الاختبار بسرعة أكبر في إشارة إلى انخفاض الطاقة الذهنية بعد محاولات "تحقيق السعادة".

مطاردة السعادة تجعلك تعيسًاالسعادة ليست هدفًا

السعادة ليست هدفًا يجب مطاردته

شرح "ماجليو" أن المشكلة تكمن في النظر إلى السعادة كشيء يمكن امتلاكه أو جمعه مثل المال، فمحاولة التحكم في المشاعر باستمرار تُرهق العقل وتؤدي إلى نتائج عكسية، ويقترح أن نعامل السعادة كما نتعامل مع الرمل على الشاطئ: كلما حاولنا الإمساك به بقوة تسرب من بين أيدينا.

ويقول الباحث: "فقط استرخِ، ولا تحاول أن تكون سعيدًا طوال الوقت، بدلًا من ملاحقة المزيد انظر لما لديك بالفعل وتقبّله كمصدر للسعادة".