لمس رضيعك وتوصيل مشاعرك إليه من السلوكيات التي عليك التركيز عليها، حيث كشفت دراسة جديدة أن التلامس الجسدي المباشر المعروف باسم "الجلد للجلد" بين الأم والرضيع المولود قبل أوانه "الخدج" يسهم في تعزيز نمو الدماغ وتحسين بنية المادة البيضاء لدى هؤلاء الأطفال، حيث نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Neurology لتضيف دليلًا علميًا جديدًا على الفوائد العصبية الهامة لهذا النوع من الرعاية المبكرة.
أجريت الدراسة بقيادة الدكتورة كاثرين إي. ترافيس من جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا، حيث قام فريقها بتحليل العلاقة بين التلامس الجسدي والنمو الدماغي لدى الأطفال الخدّج ، أي المولودين قبل الأسبوع الثاني والثلاثين من الحمل.
شملت الدراسة 88 رضيعًا خضعوا لفحوصات بالرنين المغناطيسي قبل مغادرتهم المستشفى بهدف تقييم بنية المادة البيضاء في أدمغتهم.
تأثير تلامس الرضع مع أمهاتهم على نمو الدماغ
أظهرت النتائج أن الأطفال الذين تلقوا فترات أطول من التلامس الجسدي مع أمهاتهم سجلوا مؤشرات أفضل في نمو المادة البيضاء وهي المنطقة المسؤولة عن نقل الإشارات العصبية داخل الدماغ، وتبيّن وجود ارتباط إيجابي بين مدة التلامس الجسدي وتحسن خصائص مناطق عصبية محددة مثل الحزام الدماغي (cingulum) والإشعاعات المهادية الأمامية (anterior thalamic radiations).
كما أظهرت الدراسة أن معدّل التعرض اليومي لهذا النوع من الرعاية كان مرتبطًا أيضًا بتحسن في نمو هذه المناطق العصبية حتى بعد الأخذ في الاعتبار العوامل الاجتماعية وعدد زيارات الأهل للمستشفى.
أكد الباحثون أن هذه النتائج تعزز الفرضية القائلة إن تطور المادة البيضاء لدى الأطفال الخدّج يتأثر بالتجارب الحسية والاجتماعية المبكرة داخل المستشفى.
وأوضحت د. ترافيس، أن التلامس الجسدي لا يقتصر على تعزيز الترابط العاطفي بين الأم ورضيعها بل يمتد ليشمل تحسين الروابط العصبية داخل الدماغ نفسه ما يدعم صحة الدماغ ونموه في مراحل الحياة الأولى.
فوائد تلامس الأم مع رضيعها
تسلط هذه النتائج الضوء على أهمية إدراج التلامس الجسدي ضمن برامج العناية بالأطفال الخدّج في وحدات العناية المركزة حول العالم لما لها من فوائد مزدوجة نفسية وعصبية، فهي لا تعزز الشعور بالأمان والانتماء فحسب بل تحفّز أيضًا تكوين الاتصالات العصبية الضرورية لنمو الدماغ السليم.
يدعو الباحثون إلى إجراء المزيد من الدراسات لتحديد المدة المثلى للتلامس الجسدي اليومي وتأثيراته طويلة الأمد على النمو المعرفي والحسي لدى الأطفال المبتسرين، كما يشددون على أهمية إشراك الأهل في رعاية أطفالهم داخل المستشفى حتى في الحالات الحرجة لما لذلك من أثر إيجابي على تطور الدماغ وتحسين فرص النمو السليم.