زيادة الوزن خلال الحمل أمر متوقع فهي تعكس نمو الجنين والسوائل المحيطة به وتغيرات جسم الأم لكن ما تكشفه أحدث الدراسات هو أن تجاوز هذه الزيادة أو نقصها عن الحد الصحي قد يرتبط بمضاعفات تؤثر على الأم وطفلها سواء خلال الحمل أو على المدى الطويل.
الإرشادات الأولى لزيادة الوزن وضعتها "الأكاديمية الوطنية للطب" عام 1990 ثم تم تحديثها عام 2009 لكنها اعتمدت على بيانات قديمة لمجموعة صغيرة من النساء ذوات خلفيات محدودة، ومع تغير ملامح الحوامل عالميًا من حيث العمر ومؤشر كتلة الجسم والاختلافات العرقية ظهرت الحاجة لتحديث معايير أكثر دقة وشمولًا.
زيادة احتمالية الولادة القيصرية
في مراجعة منهجية واسعة نُشرت في "BMJ"، شملت بيانات من 1999 إلى 2017، وُجد أن 47% من النساء يكتسبن وزنًا أعلى من الموصى به، هذه الزيادة ارتبطت بما يلي:
- ارتفاع خطر إنجاب طفل كبير الحجم بنسبة 85–95%
- زيادة احتمالية الولادة القيصرية بنسبة 30%
- انخفاض فرص الولادة المبكرة أو إنجاب طفل منخفض الوزن
وفي المقابل، فإن 23% من الحوامل كن يكتسبن وزنًا أقل من المسموح، ما أدى إلى انخفاض خطر إنجاب طفل كبير الحجم، لكن ارتفع خطر الولادة المبكرة بنسبة تصل إلى 70%، وزيادة احتمال ولادة طفل صغير بالنسبة لعمر الحمل
هذه المخاطر ظهرت بغض النظر عن وزن الأم قبل الحمل مما يؤكد أن معدل الزيادة نفسه هو عامل مستقل يجب الانتباه إليه.
مضاعفات السمنة أثناء الحمل
رغم أن منظمة الصحة العالمية "WHO" تعتمد حتى الآن على إرشادات 2009 فإن معظم الأدلة التي بُنيت عليها جاءت من دول ذات دخل مرتفع وذات تنوع عرقي محدود، اليوم تتغير طبيعة الحمل عالميًا مع زيادة متوسط العمر وارتفاع معدلات السمنة وانتشار أنماط حياة مختلفة بين الدول.
هذا الواقع دفع منظمة الصحة العالمية لإطلاق مبادرة عالمية جديدة تهدف إلى:
1- إنشاء قاعدة بيانات دولية موحدة
2- تحليل الزيادة المثالية في الوزن حسب المنطقة والدخل والخصائص السكانية
3-وضع معايير عالمية جديدة تعكس الواقع الحالي
الدراسة التي نُشرت مؤخرًا في "BMJ" جاءت لدعم هذه المبادرة عبر جمع وتحليل آلاف الدراسات من 2009 حتى 2024، بهدف فهم العلاقة بين زيادة الوزن ومجموعة واسعة من النتائج الصحية، ومن أبرز ما تناولته الدراسة:
-مضاعفات لدى الأم
- سكر الحمل
- ارتفاع الضغط وتسمم الحمل
-الولادة القيصرية
- النزيف بعد الولادة
- فشل تقدم المخاض أو طول مدته
بالإضافة إلى مضاعفات لدى الجنين كالولادة المبكرة، و انخفاض أو زيادة وزن الطفل، والحاجة إلى دخول حضّانة حديثي الولادة، إلى جانب احتمالات إصابته بصعوبات تنفسية وتغير مدة الإقامة في المستشفى
كما كشفت الدراسة أن العوامل الاجتماعية مثل التعليم والتدخين والبيئة قد تؤثر في زيادة الوزن لكن الكثير منها ما زال يُوثّق بشكل ضعيف في الدراسات.
المؤسسات الدولية مثل "US Preventive Services Task Force" تؤكد اليوم أن التدخلات المبكرة بما فيها المتابعة الدقيقة والإرشاد الغذائي والنشاط البدني والمتابعة المنتظمة، تقلل بشكل واضح من زيادة الوزن المفرطة وتحسّن النتائج الصحية.
ومع إطلاق منظمة الصحة العالمية مبادرتها لخلق معايير عالمية محدّثة لزيادة وزن الحمل فمن المتوقع أن تصبح مراقبة وزن الأم خلال الحمل أكثر دقة وفاعلية بما يضمن صحة أفضل للأم وطفلها عبر مختلف دول العالم.