تُعدّ أورام الغدة الدرقية من أكثر الأورام القابلة للعلاج في الوقت الحالي خاصة مع التطور المستمر في طرق التشخيص والعلاج، فرغم زيادة اكتشاف الحالات خلال السنوات الأخيرة إلا أن معظمها يُكتشف مبكرًا ويحقق نتائج ممتازة عند علاجها، وتشير تقارير لـ"HealthDay News" إلى أن أحدث الإرشادات العالمية أحدثت تحولًا واضحًا في أساليب التعامل مع الأورام منخفضة الخطورة مما يخفف من العلاج غير الضروري ويحسّن جودة الحياة.
الغدة الدرقية تتحكم في عملية الأيض والطاقة
الغدة الدرقية غدة صغيرة على شكل فراشة تقع في مقدمة الرقبة وتلعب دورًا مهمًا في التحكم في عملية الأيض والطاقة والنمو، ويحدث الورم عندما تبدأ خلايا هذه الغدة في النمو بشكل غير طبيعي وقدرتها على الانتشار لأي منطقة أخرى من الجسم.
كما أن غالبية الحالات تُكتشف بالصدفة إما أثناء فحص روتيني أو خلال فحوصات تصويرية تُجرى لسبب آخر ويظهر الورم عادة ككتلة غير مؤلمة في الرقبة.
أكثر من 90% من الحالات هي من أورام الغدة الدرقية المتمايزة (Differentiated Thyroid Cancers – DTC) وتشمل: النوع الحليمي (Papillary) وهو الأكثر شيوعًا بنسبة تقارب 84% والنوع الجريبي (Follicular) والأورام الأونكوسيتية (Oncocytic) وتتميّز هذه الأنواع بأنها بطيئة النمو وسهلة العلاج غالبًا، أما الأنواع الأكثر عدوانية فهي الأورام قليلة التمايز والورم الكشمي (Anaplastic) والورم النخاعي (Medullary) وهي أقل شيوعًا وتتطلب استراتيجيات علاجية خاصة.
ورم الغدة الدرقية قابل للعلاج
لا توجد فحوصات مسح دورية معتمدة للكشف عن ورم الغدة الدرقية؛ لذلك تُكتشف معظم الحالات دون وجود أعراض واضحة، وعندما تظهر الأعراض قد تشمل:
-كتلة غير مؤلمة في مقدمة الرقبة
-تغيّر بالصوت أو بحة
-صعوبة في البلع
-تورم الغدد اللمفاوية بالرقبة
أما الأعراض السريعة مثل الألم أو النمو المفاجئ فقد تدل على نوع أكثر شراسة لكنها تظل نادرة.
السبب الدقيق وراء معظم الحالات غير معروف، ومن العوامل التي قد تزيد من احتمال الإصابة:
-التعرض السابق لإشعاع في الرأس أو الرقبة
-وجود تاريخ عائلي بالإصابة
-بعض المتلازمات الوراثية
أغلب الحالات لا تكون وراثية باستثناء بعض الأنواع مثل الورم النخاعي الذي قد ينتقل داخل العائلات.
يعتمد العلاج على نوع الورم وحجمه ومرحلته، حيث تشير إرشادات American Thyroid Association 2025 إلى ميل واضح لتقليل التدخلات الجراحية في الحالات منخفضة الخطورة، ومن بين العلاجات المتاحة:
1-الجراحة
العمليات البسيطة مثل استئصال الفص (Lobectomy) أصبحت كافية لكثير من الحالات، والاستئصال الكامل للغدة لم يعد خيارًا أساسيًا إلا للحالات الأعلى خطرًا.
يُستخدم فقط عند وجود عوامل خطورة مرتفعة بدلاً من استخدامه بشكل روتيني كما كان يحدث سابقًا.
في بعض الأورام الصغيرة جدًا يمكن مراقبة الورم بدلًا من استئصاله فورًا، مما يوفر خيارًا آمنًا وأقل تأثيرًا على المريض.
تقنية حديثة غير جراحية تُستخدم في بعض الأورام الصغيرة منخفضة الخطورة حيث يتم إدخال مسبار دقيق داخل العقدة لتقليص حجمها بالحرارة دون إتلاف باقي الغدة.
عندما تكون الأورام أكثر تطورًا أو لا تستجيب للعلاج التقليدي، تُستخدم خيارات حديثة تشمل:
-العلاج الموجّه Targeted Therapy: يهاجم خصائص محددة في الخلايا السرطانية وحدها.
-العلاج المناعي Immunotherapy: يساعد جهاز المناعة على اكتشاف الخلايا السرطانية ومهاجمتها بفاعلية.
-الاختبارات الجزيئية: تساعد في تحديد العلاجات الأنسب بناءً على طبيعة الخلايا السرطانية.
ويعمل فريق طبي متعدد التخصصات يشمل أطباء الغدد والجرّاحين والأورام وأخصائيي الطب النووي لتحديد الخطة المثلى لكل مريض على حدة.
معظم أورام الغدة الدرقية بطيئة النمو وذات نسب شفاء مرتفعة جدًا، ومع التوجهات الحديثة أصبح العلاج أكثر دقة وأقل ضررًا، أما الحالات المتقدمة فتوفّر العلاجات الموجهة والمناعية آفاقًا جديدة لنتائج أفضل.