هل يكون العلاج بالتستوستيرون مفتاحا لإنقاذ الرجال من الاكتئاب؟

يُصاب الرجال بالاكتئاب بطرق مختلفة عن النساء وغالباً ما يترددون في طلب المساعدة الطبية أو النفسية، ومع تزايد البحث عن بدائل جديدة للعلاج اتجه بعضهم إلى تجربة العلاج ببدائل التستوستيرون (Testosterone Replacement Therapy – TRT) كخيار لتحسين المزاج والطاقة.

تشير الأبحاث إلى وجود علاقة بين انخفاض هرمون التستوستيرون وظهور أعراض الاكتئاب إلا أن هذه العلاقة معقدة وقد تكون محفوفة بالمخاطر إذا لم تُدار طبياً بشكل دقيق.

كيف يؤثر التستوستيرون على مستويات الكوليسترول لدى الرجال؟وجود علاقة بين انخفاض هرمون التستوستيرون وظهور أعراض الاكتئاب 

تجربة شخصية تعيد الأمل

يحكي جريج نوفاتشيك، لاعب كمال أجسام متقاعد يبلغ من العمر 43 عاماً، أنه عانى من تدهور نفسي شديد بعد إصابته بتسمم دموي وخضوعه لعدة جراحات معقدة، مضيفًا: "شعرت بالاكتئاب لأنني لم أعد الشخص القوي الذي كنت عليه سابقاً أصبحت منهكاً وخالياً من الطاقة".

بعد خمس سنوات أظهرت التحاليل أن جسده لم يعد ينتج التستوستيرون بشكل طبيعي، ومع بدء العلاج الهرموني شعر بتحسن كبير خلال أسابيع قليلة، حيث استعادت حالته النفسية توازنها وارتفعت طاقته.

ورغم أنه أسس لاحقاً عيادة طبية رقمية لعلاج نقص التستوستيرون، يؤكد "نوفاتشيك" أن تجربته ليست فريدة إذ يشارك العديد من الرجال تجارب مشابهة على منصات إلكترونية يصفون فيها تحسناً ملحوظاً في المزاج واختفاء الأفكار الانتحارية بعد بدء العلاج.

الدراسات العلمية: الصورة ليست مثالية

على الرغم من الشهادات الإيجابية إلا أن الأبحاث العلمية تُظهر أن العلاج الهرموني لا يُعد حلاً شاملاً للاكتئاب، ففي دراسة موسعة نُشرت عام 2022 وشملت أكثر من 18 مليون رجل وجد الباحثون أن بعض مستخدمي التستوستيرون أظهروا ارتفاعاً في معدلات الاكتئاب والأفكار الانتحارية.

وقالت الدكتورة سيربي ناكيرن، وهي طبيبة مشاركة في الدراسة، إن النتائج لم تثبت أن التستوستيرون يسبب الاكتئاب لكنها كشفت عن ارتباط بين الأمرين، مشيرة إلى أن بعض الرجال المصابين بالاكتئاب قد يلجؤون إلى العلاج الهرموني من تلقاء أنفسهم خاصة مع انتشار المعلومات المضللة وسهولة الحصول على التستوستيرون عبر الإنترنت.

كما حذرت من التوقف المفاجئ عن العلاج دون إشراف طبي لأن الأعراض الانسحابية قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية خطيرة، مضيفة: "ينبغي ألا يظن أي رجل يعاني من الاكتئاب أن التستوستيرون هو الحل السحري".

أسباب اكتئاب العلاقات العاطفيةالعلاج الهرموني لا يُعد حلاً شاملاً للاكتئاب

التستوستيرون ليس بديلاً عن نمط الحياة الصحي

يرى الخبراء أن العلاج الهرموني يمكن أن يكون مفيدًا فقط عندما يكون انخفاض التستوستيرون هو السبب الحقيقي وراء الأعراض النفسية، أما الرجال الأصحاء الذين يستخدمونه دون داعٍ فقد يواجهون آثاراً نفسية سلبية حادة عند التوقف عنه.

ويؤكد "نوفاتشيك" أن العلاج يجب أن يكون آخر خطوة لا الأولى، موضحاً أن غياب نمط الحياة الصحي مثل النظام الغذائي المتوازن والنوم الكافي والنشاط البدني، يجعل أي علاج دوائي غير فعال على المدى الطويل.

العلاج الهرموني بين الفاعلية والمخاطر

يشير الأطباء إلى أن الرجال الذين يُشخَّص لديهم انخفاض في مستوى التستوستيرون (أقل من 300 نانوغرام/ديسيلتر) قد يعانون من أعراض تشبه الاكتئاب مثل الإرهاق وضعف التركيز وتقلب المزاج، وفي هذه الحالات يمكن أن يساعد العلاج الهرموني في تحسين الأعراض بشرط أن يتم تحت إشراف طبي صارم.

كيف يؤثر العلاج الهرموني على ذاكرة المرأة بعد انقطاع الطمث؟العلاج الهرموني بين الفاعلية والمخاطر

لكن العلاج لا يخلو من المخاطر إذ قد يؤدي إلى العقم أو تضخم الثدي أو زيادة عدد كريات الدم الحمراء كما يمكن أن يسبب اعتماد الجسم الكامل على الهرمون الخارجي بحسب "men’s health"، لذلك توصي الدكتورة ناكيرن بمراجعة طبيب نفسي قبل بدء العلاج لاستبعاد وجود اضطراب اكتئابي رئيسي، مشددة على أن التستوستيرون وحده لا يمكنه علاج الاكتئاب.