أظهرت تجربة سريرية كبرى أن زراعة تحويلة دماغية (Shunt) يمكن أن تعيد القدرة على المشي والاستقلالية لـ كبار السن المصابين بحالة نادرة تُعرف بالاستسقاء الدماغي مجهول السبب بضغط طبيعي (iNPH)، الدراسة نُشرت في مجلة The New England Journal of Medicine وأكدت أن هذا التدخل الجراحي البسيط قد يُحدث فارقاً كبيراً في حياة المرضى.
تنتج هذه الحالة عن تراكم السائل الدماغي النخاعي بين الدماغ والحبل الشوكي داخل الجمجمة ما يؤدي إلى مشكلات في المشي والتوازن إضافة إلى تراجع الذاكرة واضطرابات في التحكم بالمثانة، ويُقدر أن ما بين 1.5% من الأشخاص في أواخر الستينات وما يقرب من 8% من من هم في الثمانينات قد يعانون من هذه المشكلة لكن كثيراً من الحالات يتم تجاهلها باعتبارها مجرد علامات طبيعية للتقدم في العمر.
ماهية الحالة
منذ اكتشاف المرض عام 1965 لجأ الأطباء إلى استخدام التحويلات الدماغية لتخفيف الضغط، ورغم ذلك ظل الجدل قائمًا لعقود حول فعالية هذه التقنية وسلامتها بل وحتى حول وجود المرض ذاته.
وقال الدكتور مايكل ويليامز، أستاذ طب الأعصاب وجراحة الأعصاب بجامعة واشنطن في سياتل: "إذا كان هناك إنجاز واحد تحققه هذه الدراسة فهو إنهاء الجدل المستمر منذ سنوات طويلة".
شارك في الدراسة 99 مريضًا من 17 مستشفى في الولايات المتحدة وكندا والسويد، جميع المرضى خضعوا لزراعة تحويلة دماغية لكن نصفهم تم ضبط التحويلة بحيث لا تعمل في إطار مجموعة مقارنة وهمية.
تم استخدام جهاز يمكن التحكم فيه مغناطيسيًا لتشغيل التحويلة أو إيقافها دون علم المريض أو الطبيب المعالج.
بعد ثلاثة أشهر تحسنت سرعة المشي لدى المرضى الذين فُعلت لديهم التحويلة بشكل ملحوظ إذ تجاوز التحسن الضعف مقارنة بالحد الأدنى المقبول طبياً، وأحرز 80% من هؤلاء المرضى تحسنًا كبيرًا في الحركة والاستقلالية مقابل 24% فقط في مجموعة المقارنة، كما انخفضت معدلات السقوط إلى 25% لدى من تلقوا تحويلة فعّالة مقابل 46% في المجموعة الأخرى.
قال الدكتور مارك لوتشيانو، مدير مركز استسقاء الدماغ والسوائل الدماغية بجامعة جونز هوبكنز: "عندما يتحسن مشي المريض ويتوقف عن السقوط، ينعكس ذلك على استقلاليته وأمانه وجودة حياته".
وأشارت النتائج أيضاً إلى تحسن في الوظائف الإدراكية والسيطرة على المثانة إلا أن هذه الفوائد لم تصل إلى دلالة إحصائية كافية.
تحسين نوعية الحياة
شدد الباحثون على أن التعرف على المرضى الذين قد يستفيدون من هذا التدخل يمكن أن يكون بسيطاً من خلال الفحص الروتيني للدماغ عند ظهور مشكلات متزايدة في التوازن أو الذاكرة، وأوضحوا أن العديد من المرضى لا يتم تحويلهم للتقييم الطبي المناسب رغم أن العلاج المبكر قد يمنع المضاعفات ويطيل العمر.
مع انتهاء المرحلة الأولى من التجربة تم تفعيل جميع التحويلات لدى مرضى مجموعة المقارنة ليحصلوا على الفائدة نفسها، وسيواصل الباحثون متابعة المشاركين لقياس النتائج طويلة الأمد خصوصاً فيما يتعلق بالقدرات الإدراكية ومستويات الاستقلالية بعد عام كامل من المتابعة.