تُعد دورات المياه العامة مصدر قلق للكثيرين، خاصة لمن يضطرون لاستخدامها بشكل متكرر سواء كانوا آباءً لأطفال صغار أو أشخاصاً يعانون من مشكلات صحية تستلزم زيارات متقاربة للحمّام، ورغم أن البعض يتجنب الجلوس على المقعد خوفاً من الجراثيم فإن الدراسات الحديثة تكشف صورة مختلفة عمّا يعتقده أغلب الناس.
انتشار البكتيريا والفيروسات في دورات المياه العامة
يفرز الإنسان يومياً أكثر من لتر من البول، وما يزيد عن 100 جرام من البراز ومع كل استخدام لدورات المياه العامة تنتقل البكتيريا والفيروسات إلى الأسطح المحيطة، وتشير أبحاث منشورة في مجلة "Journal of Gastroenterology" إلى أن بعض المرضى خصوصاً المصابين بالإسهال يطرحون كميات أكبر من الميكروبات الضارة مما يحوّل الحمام العام إلى ما يشبه "حساء ميكروبي" عند غياب التنظيف المنتظم.
تلوث مقعد التواليت بالميكروبات
رغم الاعتقاد الشائع، تُظهر دراسة نُشرت في "The Conversation" والتي أعادت تحليل بيانات من عدة أبحاث ميكروبية أن مقاعد التواليت ليست الأكثر تلوثاً، بل إن مقابض الأبواب وصنابير المياه وأزرار السحب هي التي تحمل كميات أكبر من الميكروبات؛ لأنها تُلمس كثيراً وغالباً بأيدٍ غير مغسولة.
وتزداد المشكلة في الحمامات المزدحمة التي تُنظّف مرة واحدة يومياً أو أقل، حيث تتجمع الجراثيم بسرعة وتظهر مؤشرات الإهمال مثل الروائح الكريهة والأرضيات المتسخة.
تشرح الأبحاث أن سحب المياه دون إغلاق الغطاء يطلق ما يُعرف بـ "Toilet Plume" رذاذاً دقيقاً يحتوي على بقايا الفيروسات والبكتيريا يصل ارتفاعه إلى مترين، كما تساهم مجففات اليد الهوائية في نشر الميكروبات في الهواء إذا لم تُغسل اليدان جيداً، ما يؤدي إلى انتشارها على الملابس والوجه.
رصدت الدراسات وجود:
-بكتيريا الأمعاء مثل E. coli، Klebsiella، Enterococcus، إضافة إلى فيروسات مسببة لالتهابات المعدة كـ norovirus وrotavirus.
-بكتيريا الجلد مثل "Staphylococcus aureus"، بما فيها الأنواع المقاومة للمضادات الحيوية.
-بيض ديدان طفيلية وكائنات دقيقة أحادية الخلية تسبب آلام البطن.
-طبقات Biofilm التي تتراكم تحت الحواف وعلى الأسطح مع الزمن.
ورغم ذلك تشير البيانات إلى أن خطر انتقال العدوى بمجرد الجلوس على المقعد يظل منخفضاً لدى أغلب الأصحاء لأن الجلد يشكّل حاجزاً قوياً.
تحدث العدوى غالباً عبر:
-لمس المقعد أو المقبض، ثم لمس الوجه قبل غسل اليدين.
-استنشاق الرذاذ الميكروبي في الحمامات الضيقة.
-تناثر المياه من وعاء المرحاض بعد السحب.
-استخدام الهاتف داخل الحمام ثم وضعه على الوجه أو قرب الفم.
الخبراء يؤكدون أن غسل اليدين بالصابون لمدة 20 ثانية هو أهم خطوة على الإطلاق، أما الفارق بين تغطية المقعد أو استخدام المعقّمات فهو متعلق بالراحة الشخصية، إذ يوصى بـ:
-باستخدام مناديل مطهّرة لمسح المقعد إن لزم.
-وضع غطاء ورقي أو طبقة من الورق لتقليل الاحتكاك المباشر.
-إغلاق الغطاء قبل السحب إن وجد.
-تجنب مجففات الهواء واستخدام المناشف الورقية.
-عدم استخدام الهاتف داخل الحمام وتنظيفه بانتظام.
-تنظيف أماكن تغيير الحفاظات قبل وبعد الاستخدام.
تشير الدراسات إلى أن الجلوس على مقعد تواليت عام آمن لمعظم الناس، وأن العدوى تأتي غالباً من اليدين والأسطح المحيطة وليس من المقعد نفسه، كما يحذر الخبراء من عادة "الجلوس المعلّق"؛ لأنها تشد عضلات الحوض وتؤثر على تفريغ المثانة.