المواد الكيميائية الدائمة تعيق نجاح جراحات السمنة لدى المراهقين

كشفت دراسة حديثة أن التعرض لمستويات مرتفعة من المواد الكيميائية المعروفة باسم "PFAS" أو ما يُطلق عليها "المواد المستديمة" قد يعيق قدرة المراهقين على فقدان الوزن حتى بعد إجراء جراحة إنقاص الوزن، إذ وجدت الدراسة، التي نُشرت في مجلة Obesity، أن المراهقين الذين لديهم مستويات مرتفعة من هذه المواد في الدم كانوا أكثر عرضة لاكتساب الوزن مجدداً بعد الخضوع لجراحة السمنة.

ما هي المواد الكيميائية المستديمة؟

تُعرف مركبات PFAS بأنها "مستديمة" أو "دائمة"؛ لأنها تحتوي على روابط قوية بين الكربون والفلور، ما يجعلها شديدة المقاومة للتفكك أو الإزالة من البيئة أو الجسم، ومنذ أربعينيات القرن الماضي استُخدمت هذه المواد على نطاق واسع في منتجات استهلاكية عديدة منها أدوات الطهي غير اللاصقة والملابس المقاومة للماء والأثاث المقاوم للبقع وأغلفة الطعام وحتى في رغوة إطفاء الحرائق.

تشير أبحاث سابقة إلى أن هذه المواد قد تُحدث خللاً في الهرمونات داخل الجسم، ما يؤثر على عملية الأيض ويزيد من احتمالية زيادة الوزن.

تناول مكملات الألياف يخفض مستوى المواد الكيميائية في الجسمما هي المواد الكيميائية المستديمة؟

تفاصيل الدراسة

تابع الباحثون 186 مراهقاً خضعوا لجراحة السمنة بين عامي 2007 و2012 وقاموا بأخذ عينات دم قبل العملية لفحص مستويات سبعة أنواع من مركبات PFAS، كما تم رصد المشاركين لمدة تصل إلى 5 سنوات بعد الجراحة لمتابعة وزنهم ومؤشر كتلة الجسم (BMI) ومحيط الخصر.

وأظهرت النتائج أن المراهقين الذين كانت لديهم مستويات مرتفعة من PFAS في الدم قبل العملية اكتسبوا وزناً أكبر وزاد لديهم محيط الخصر مقارنةً بغيرهم ممن كانت مستوياتهم أقل.

الروابط الأقوى مع زيادة الوزن

أشارت الدراسة إلى أن أكثر الروابط وضوحاً كانت مع مجموعة من مركبات PFAS تُعرف بالأحماض السلفونية مثل PFOS وPFHpS.

المراهقون الذين كانت لديهم أعلى مستويات من PFOS اكتسبوا في المتوسط نحو 47 رطلًا بعد خمس سنوات من الجراحة مقارنةً بنحو 36 رطلًا فقط لدى من كانت لديهم مستويات أقل.

أما الذين تعرضوا لأعلى مستويات من PFHpS فقد استعادوا في المتوسط 4.3% من وزنهم سنوياً بعد الجراحة مقابل 2.7% فقط لدى المجموعة الأقل تعرضاً.

الحاجة إلى تنظيم أشد

تشير هذه النتائج إلى أن PFAS تمثل عامل خطر يمكن تعديله، ما يعزز الدعوات إلى فرض قيود أقوى على استخدامها خاصة في مصادر المياه العامة التي تُعد أكبر سبب للتعرض لهذه المواد في الولايات المتحدة.

وقالت الباحثة الرئيسية بريتني باومرت، من كلية كيك للطب بجامعة جنوب كاليفورنيا، إن وجود هذه المواد يشكل تحدياً حقيقياً لإدارة فقدان الوزن على المدى الطويل ولهذا تُعد السياسات الوقائية أمراً بالغ الأهمية لحماية الصحة العامة وخصوصاً الفئات الأكثر هشاشة.

كيف تحول جراحات السمنة حياة المرضى نفسياً؟الحاجة إلى تنظيم أشد

الخطوات المقبلة للأبحاث

يخطط الباحثون لدراسة ما إذا كان التعرض لمركبات PFAS قد يؤثر أيضاً على فعالية طرق أخرى لفقدان الوزن مثل الأدوية الجديدة المعروفة بفئة GLP-1 ومنها Ozempic وZepbound، كما يرغبون في معرفة ما إذا كانت هذه المواد تزيد من خطر الإصابة بأمراض أيضية مثل السكري من النوع الثاني أو مرض الكبد الدهني.

مع ذلك يؤكد الباحثون أن الدراسة الحالية ذات طابع رصدي وبالتالي لا يمكن أن تثبت علاقة سببية مباشرة بين PFAS وزيادة الوزن بل تشير فقط إلى ارتباط يستحق مزيداً من البحث.