في عالم الحميات الغذائية المتغير باستمرار تظهر من حين لآخر أنظمة تغذية غريبة تعود إلى الواجهة، ومن بين هذه الأنظمة تعود حمية فصيلة الدم للانتشار مجدداً خاصة عبر منصات مثل تيك توك، لكن ما مدى صحة هذه الحمية؟ وهل تستند إلى أدلة علمية؟
ظهر مفهوم الحمية المعتمدة على فصيلة الدم للمرة الأولى في كتاب نُشر عام 1996 بعنوان "كُل بما يناسب فصيلة دمك" للمؤلف بيتر دي آدامو، وهو طبيب ممارس للطب الطبيعي، حيث يقترح الكتاب أن الأشخاص يمكنهم تحسين صحتهم وإطالة عمرهم والحفاظ على وزن مثالي من خلال تناول أطعمة محددة تتوافق مع فصائل دمهم، وفقاً لتقرير نشرته Harvard Medical School.
ما هي حمية فصيلة الدم؟
تقوم الفكرة الأساسية على وجود علاقة بين فصيلة الدم وقدرة الجسم على هضم أنواع معينة من الطعام، على سبيل المثال:
يُنصح أصحاب فصيلة الدم O بتناول البروتينات الحيوانية والفواكه والخضراوات وتجنّب البقوليات والحبوب الكاملة.
أما أصحاب فصيلة A فيُفضّل لهم النظام النباتي الغني بالفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة مع تجنّب اللحوم.
بينما يُشجَّع أصحاب فصيلتي B وAB على اتباع نظام متوازن يشمل جميع المجموعات الغذائية.
ووفقاً للكتاب، فإن فصائل الدم نشأت عبر تطور الإنسان؛ ففصيلة O مرتبطة بالصيادين، وفصيلة A بالمزارعين، وB بالرحالة، أما AB فتمثل خليطاً بين A وB.
حتى الآن لا توجد أدلة علمية قوية تدعم فعالية هذه الحمية، بحسب راندي جولد، طبيب القلب في Manhattan Cardiology، مؤكداً أن الدراسات ذات الجودة العالية التي تثبت فوائد هذه الحمية لا تزال غائبة.
لا توجد أدلة علمية قوية تدعم فعالية حمية فصيلة الدم
وفي مراجعة منهجية أُجريت عام 2013 لم تجد الدراسة أي دليل يدعم فعالية النظام الغذائي المرتبط بفصيلة الدم، ومع ذلك أظهرت دراسة نُشرت عام 2014 أن من اتبعوا هذه الحمية شهدوا انخفاضاً في مؤشر كتلة الجسم ومحيط الخصر وضغط الدم والكوليسترول وسكر الدم، ولكن هذه التحسينات لم تكن مرتبطة بفصائل دمهم.
كما أكدت دراسة أُجريت عام 2021 أن فصيلة الدم لم يكن لها تأثير على فقدان الوزن أو دهون الجسم أو مستويات الدهون في الدم أو السيطرة على السكر لدى من اتبعوا نظامًا نباتيًا قليل الدهون.
تشير ليز ويناندي، أخصائية التغذية في The Ohio State University Wexner Medical Center، إلى أن ما قد يجعل الحمية مفيدة هو تشجيعها لتناول كميات كبيرة من الفواكه والخضراوات وتجنّب الأطعمة المصنعة وهي ممارسات صحية لأي شخص بغض النظر عن فصيلة دمه.
لكنها تحذر من أن الحمية تتضمن قيوداً مفرطة كاستبعاد مجموعات غذائية بالكامل مثل الحليب أو القمح دون أسباب طبية حقيقية، ما قد يؤدي إلى نقص في العناصر الغذائية الأساسية.
هل يناسب هذا النظام الجميع؟
بحسب American Red Cross، فإن معظم الناس لا يعرفون فصيلة دمهم وهو ما يشكل عائقاً لتجربة هذه الحمية، ومع ذلك يمكن معرفة الفصيلة عبر الطبيب أو عند التبرع بالدم.
يقول "جولد" إن الحمية قد تفيد الأشخاص الذين لا يتناولون عادة كميات كافية من الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة، لكنه في الوقت ذاته يؤكد أن الفوائد المحتملة لا تعود لفصيلة الدم بل لما يتضمنه النظام من أطعمة صحية.
وتنصح "ويناندي" بالابتعاد عن هذه الحمية وتبنّي النظام الغذائي المتوسطي (Mediterranean Diet) الذي يتميز بالتنوع وقلة القيود ووجود أدلة علمية واسعة تثبت دوره في تحسين الصحة.