تورم دماغي قاتل يصيب الأطفال بسبب الإنفلونزا.. واللقاح قد يكون المنقذ

رغم ندرته يُعدّ الاعتلال الدماغي التنخري الحاد المرتبط بالإنفلونزا (ANE) من أخطر المضاعفات التي قد تصيب الأطفال أثناء إصابتهم بالإنفلونزا، وقد أظهرت مراجعة حديثة لحالات في الولايات المتحدة أن هذا النوع من تورم الدماغ يمكن أن يؤدي إلى الوفاة أو إلى إعاقات عصبية طويلة الأمد مما يستدعي التشخيص الفوري والتدخل العلاجي العاجل.

نُشرت الدراسة في Journal of the American Medical Association، وأكدت على أهمية أن يتعرف الأطباء بسرعة على الحالة ويبدأوا بخطة علاجية مكثفة تشمل العناية العصبية المتقدمة.

الاستجابة المناعية المفرطة قد تكون القاتل الحقيقي

تحدث حالة (ANE) بشكل مفاجئ وتشبه في شدتها استجابة الجسم للعدوى الشديدة (مثل تعفن الدم) حيث يُطلق الجهاز المناعي استجابة التهابية مفرطة قد تصبح مهددة للحياة، وصفها الأطباء إنها مثل نوبة هلع للجهاز المناعي.

ويشمل العلاج استخدام الستيرويدات لتهدئة الجهاز المناعي، بالإضافة إلى تقنية تشبه غسيل الكلى حيث يتم استبدال بلازما دم الطفل ببلازما من متبرع سليم.

بين الفقر والزهايمر.. صلة مثيرة تربط البيئة المحرومة بتلف الأعصاب والالتهاب الدماغيالاعتلال الدماغي التنخري الحاد المرتبط بالإنفلونزا (ANE)

أرقام مقلقة في ظل مواسم إنفلونزا قاسية

تم تسجيل 41 حالة من ANE في الولايات المتحدة خلال الفترة ما بين 2023 و2025 وهو رقم مرتفع نسبيًا قد يكون مرتبطًا بمواسم إنفلونزا شديدة، وتوفي 27% من هؤلاء الأطفال، فيما عانى ثلثا الناجين من إعاقات متوسطة إلى شديدة بعد مرور ثلاثة أشهر على الإصابة.

كان متوسط أعمار الأطفال المصابين خمس سنوات وغالبيتهم كانوا بصحة جيدة قبل العدوى، وقد أُصيب 39 من أصل 41 طفلًا بفيروس الإنفلونزا من النوع A، فيما أُصيب اثنان فقط بالنوع B.

المثير للقلق أن ستة فقط من الأطفال المصابين كانوا قد تلقوا لقاح الإنفلونزا الموسمي وهو ما يطرح سؤالًا مهمًا حول دور الوقاية في تقليل مخاطر هذه المضاعفات القاتلة.

أعراض شديدة وبداية سريعة

مع تطور الحالة، أظهر جميع الأطفال تورمًا في الدماغ و95% منهم أصيبوا بحمى و68% عانوا من نوبات تشنج، وكان متوسط الإقامة في المستشفى 22 يومًا منها 11 يومًا في العناية المركزة.

توفي 11 طفلًا خلال فترة قصيرة خلال أول ثمانية أيام من دخول المستشفى، أما من بين الثلاثين طفلًا الذين نجوا فقد تمكن 19 منهم من الجلوس بعد ثلاثة أشهر و16 استطاعوا الوقوف بمفردهم بينما تمكن 13 فقط من المشي بدون مساعدة.

لقاح جديد يجمع بين الحماية من الإنفلونزا وكوفيد-19أعراض شديدة وبداية سريعة

التشخيص المبكر يمنح الأمل

قال الدكتور كيث فان هارين، اختصاصي الأعصاب في مستشفى لوسيل باكارد للأطفال والمؤلف المشارك في الدراسة: "التعامل المبكر والمكثف مع تورم الدماغ والاستجابة المناعية ساعد على تعافي بعض الأطفال وكانت النتائج أفضل مما توقعنا".

وأكّد "فان هارين" أن هذه الحالة تُعتبر من أخطر مضاعفات الإنفلونزا إلا أن التقرير أظهر طيفًا واسعًا من النتائج: من أطفال تعافوا بالكامل إلى حالات انتهت بمضاعفات مميتة، مضيفًا: "العلاج المناعي مثل تبديل البلازما والجلوبيولين المناعي الوريدي أثبت فعاليته لدى بعض المرضى الذين أبدوا تحسنًا ملحوظًا".

الوقاية تظل الخيار الأفضل

رغم تطور العلاجات يظل لقاح الإنفلونزا هو الوسيلة الأهم لتفادي هذه الحالة، يوضح "فان هارين": "حتى إذا بدا الطفل في حالة حرجة عند البداية فإن التعافي ممكن لا تفقدوا الأمل، أما بالنسبة للآباء فالنصيحة الواضحة هي: طعّموا أطفالكم".

أمريكا تتخلى عن المادة الحافظة في لقاحات الإنفلونزا لقاح الإنفلونزا هو الوسيلة الأهم لتفادي الاعتلال الدماغي التنخري

وأشار إلى أن الاعتلال الدماغي التنخري الحاد هو أخطر ما يمكن أن تسببه الإنفلونزا لكنه لا يمثل إلا قمة جبل الجليد إذ تشمل مضاعفاتها أيضًا التهابات دماغية أخرى إضافة إلى الالتهاب الرئوي وفشل الجهاز التنفسي.