يشهد مجال تشخيص أورام الثدي تحولاً لافتاً مع ظهور نماذج جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقدير خطر الإصابة على مدى السنوات المقبلة، فمع تسجيل أكثر من مليوني إصابة سنوياً حول العالم يبقى اكتشاف المرض في مراحله الأولى وسيلة مهمة لتحسين فرص العلاج وتقليل المضاعفات.
الكشف عن أورام الثدي بالذكاء الاصطناعي
يؤكد خبراء الأشعة أن معظم النساء اللاتي يتلقين تشخيص أورام الثدي يفاجأن تماماً، كما أن 5 -10% فقط من الحالات وراثية، وكثافة الثدي بحد ذاتها مؤشر ضعيف جداً على الخطر؛ لذلك ظهرت الحاجة إلى أدوات أكثر دقة تستطيع التقاط أنماط لا يمكن للعين البشرية تمييزها.
هنا يأتي دور "Clairity Breast"، أول نموذج ذكاء اصطناعي معتمد من الـFDA يعمل بالاعتماد على الصور فقط، فقد تم تدريبه على 421,499 صورة ماموغرام من 27 مركزاً في أوروبا وأمريكا الجنوبية والولايات المتحدة، شملت نساء أُصبن لاحقاً بالأورام وأخريات لم يُصبن خلال 5 سنوات ما سمح للخوارزمية بتعلّم الفروق الدقيقة في نسيج الثدي.
العلاج المبكر لأورام الثدي يضمن النجاة
اعتمد الباحثون على شبكة عميقة لتوليد احتمالات خطر الإصابة خلال 5 سنوات وتمت معايرة النموذج على مجموعة اختبار مستقلة لضمان دقته، مؤكدين أن النموذج قادر على التقاط تغيرات لا يستطيع أخصائيو الأشعة رؤيتها، وهذا النوع من التحليل يمثل مهمة مختلفة تماماً عن الكشف أو التشخيص.
طُبّق النموذج على أكثر من 236 ألف ماموغرام ثنائي الجانب من 5 مواقع في الولايات المتحدة إضافة إلى 8,810 صور من مركز أوروبي واحد التُقطت بين عامي 2011 و2017، وتم جمع بيانات كثافة الثدي ونتائج الإصابة خلال 5 سنوات من السجلات الطبية وسجلات الأورام.
قُسمت المخاطر المتوقعة وفق معايير National Comprehensive Cancer Network إلى:
-خطر منخفض (أقل من 1.7%)
-خطر متوسط (1.7–3.0%)
-خطر مرتفع (أكثر من 3.0%)
وبمقارنة هذه الفئات أظهرت البيانات أن النساء المصنفات ضمن فئة الخطر المرتفع حسب الذكاء الاصطناعي لديهن احتمال إصابة يزيد بأكثر من 4 أضعاف عن ذوات الخطر المنخفض (5.9% مقابل 1.3%)، في المقابل لم تُظهر كثافة الثدي فروقاً كبيرة (3.2% للثدي الكثيف مقابل 2.7% لغير الكثيف).
وقد أكدت الباحثة كريستيانه كوهل، من University Hospital RWTH Aachen، أن الدراسة تُظهر على نطاق واسع قدرة الذكاء الاصطناعي على تقديم تقييم أكثر دقة للمخاطر مقارنة بالاعتماد على كثافة الثدي فقط ما يفتح الباب لبرامج فحص شخصية أكثر فاعلية.
وتوصي جمعية الأورام الأمريكية بأن تبدأ النساء متوسطات الخطر الفحص السنوي ابتداءً من سن الأربعين، لكن اللافت أن النساء تحت سن الأربعين يشكلن الفئة الأسرع نمواً في معدلات التشخيص.
هنا يبرز دور نماذج الذكاء الاصطناعي مجدداً، إذ يمكن لدرجات الخطورة المستنتجة من الصور أن تساعد في تحديد النساء اللاتي يحتجن إلى بدء الفحص قبل الأربعين، وفي المستقبل قد يصبح الحصول على ماموغرام أساسي عند سن الثلاثين خطوة لتحديد من يجب إدخاله مبكراً في مسار الفحص السنوي.
حصول النساء على معلومات عن كثافة الثدي ودرجة الخطر المستندة إلى الذكاء الاصطناعي ستكون أكثر تفصيلاً ودقة، فالتقييم البصري وحده لم يعد كافياً.