في خطوة وُصفت بأنها "طال انتظارها"، أعلنت السلطات الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية عن إزالة مادة الثيميروسال (Thimerosal)، وهي مادة حافظة تحتوي على الزئبق، من جميع لقاحات الإنفلونزا التي يتم توزيعها داخل البلاد، القرار جاء بتوصية من اللجنة الاستشارية لممارسات التحصين (ACIP) وهي اللجنة التابعة لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC).
يذكر أن لقاحات الإنفلونزا كانت تُتاح بنسختين؛ إحداهما تحتوي على الثيميروسال وتُستخدم في القوارير متعددة الجرعات والأخرى خالية من هذه المادة، وقد سبق أن أُزيل الثيميروسال من جميع لقاحات الأطفال في الولايات المتحدة منذ عام 2001.
المادة الحافظة في لقاحات الإنفلونزا
صدّق روبرت إف. كينيدي الابن، وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكي الحالي، على التوصية بعد أن عيّن لجنة جديدة تضم ثمانية أعضاء، وقد عُرف سابقاً بمواقفه المناهضة للقاحات وتكراره لمزاعم أُثبت عدم صحتها بشأن علاقة اللقاحات بالتوحد.
قال "كينيدي" في بيان رسمي: "بعد أكثر من عقدين من التأخير يفي هذا القرار بوعد طال انتظاره لحماية الفئات الأكثر ضعفاً من التعرض غير الضروري للزئبق، إن حقن الأطفال بأي كمية من الزئبق في ظل وجود بدائل آمنة وخالية من الزئبق يتعارض مع المنطق والمسؤولية الصحية العامة، اليوم وضعنا السلامة أولاً".
مادة الثيميروسال تُستخدم منذ الحرب العالمية الثانية كمادة حافظة تمنع نمو البكتيريا والفطريات في اللقاحات بحسب ما توضح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، ورغم إزالة المادة من معظم اللقاحات منذ عام 2001 تؤكد الـFDA أن هناك عددًا كبيرًا من الدراسات العلمية التي خضعت لمراجعة الأقران وأُجريت في الولايات المتحدة ودول أخرى تدعم أمان اللقاحات التي تحتوي على الثيميروسال".
جدل طبي حول أمان المادة
لكن هذا لا يمنع استمرار الجدل، إذ أن الدكتور كودي ميسنر، أستاذ طب الأطفال في كلية دارتموث جايسيل للطب وعضو اللجنة السابق، كان الصوت الوحيد الذي عارض التوصية، وصرّح لصحيفة USA Today قائلاً: "لم تُظهر أي دراسة حتى الآن وجود ضرر ناتج عن استخدام الثيميروسال، إزالته قد تؤدي إلى تقليل توافر اللقاحات ورفع تكلفتها".
الثيميروسال لطالما كان هدفًا للحملات المناهضة للتطعيم خاصة من قبل جماعات تعبّر عن قلقها من التعرض للزئبق، ومع أن الهيئات الصحية الرسمية لم تجد دليلاً علمياً على ضرر استخدامه إلا أن الضغط الشعبي والمواقف السياسية قد لعبت دوراً في اتخاذ القرار.