كيف تتحكم أمعاؤك في نومك؟ دراسة تكشف العلاقة بينهما

تشير الدراسات الحديثة إلى أن النوم الجيد لا يعتمد فقط على الدماغ، بل يبدأ من الأمعاء. إذ يلعب ميكروبيوم الأمعاء، وهو مجتمع ضخم من الميكروبات التي تعيش في الجهاز الهضمي دوراً حاسماً في تنظيم النوم والمزاج والصحة العامة.

فعندما يكون الميكروبيوم متوازناً تتحسن نوعية النوم، بينما يؤدي اضطرابه إلى الأرق وصعوبة النوم.

العلاقة المحورية بين الأمعاء والدماغ 

تتواصل الأمعاء والدماغ باستمرار عبر شبكة معقدة تُعرف بـ "محور الأمعاء-الدماغ"، والعصب الرئيسي في هذه الشبكة هو العصب المبهم، الذي يعمل كطريق سريع ثنائي الاتجاه لنقل الرسائل بينهما. فعندما تكون أمعاؤك صحية، يرسل العصب المبهم إشارات تهدئة إلى الدماغ، مما يعزز الاسترخاء ويسهل الدخول في النوم، وذلك حسب ما ذكره موقع "ساينس أليرت".

دور الأمعاء في كيمياء النوم

لا يقتصر دور ميكروبات الأمعاء على هضم الطعام، بل إنها تعمل كمصانع كيميائية صغيرة، فهي تُنتج نواقل عصبية ومركبات أخرى تُعرف بـ"المستقلبات" تؤثر بشكل مباشر على الهرمونات المرتبطة بالنوم، ومستويات الالتهاب في الجسم، وساعتك البيولوجية.

دور الأمعاء في كيمياء النومدور الأمعاء في كيمياء النوم

عندما يكون هذا النظام الميكروبي في حالة توازن، فإنه يرسل إشارات كيميائية ثابتة ومهدئة تدعم النوم المنتظم. ولكن عندما يختل هذا التوازن، تصبح هذه الإشارات فوضوية وغير موثوقة، مما يمهد الطريق لاضطرابات النوم.

وكما تُنتج الأمعاء العديد من المواد الكيميائية الرئيسية التي تتحكم في نومك. فهي تنتج غالبية السيروتونين في الجسم، وهو الهرمون الذي ينظم المزاج ويضبط دورة النوم والاستيقاظ.

وبمساعدة البكتيريا النافعة، تحول الأمعاء هذا السيروتونين إلى ميلاتونين، الهرمون الذي يجعلك تشعر بالنعاس. بالإضافة إلى ذلك، تنتج الميكروبات المفيدة حمض جاما أمينوبوتيريك (GABA)، وهو ناقل عصبي يهدئ الجهاز العصبي ويعطي إشارة للجسم بالاسترخاء.

تتحكم هذه المواد الكيميائية مجتمعةً في إيقاع الساعة البيولوجية، وهي الدورة التي تنظم نومك وشهيتك وهرموناتك. وعندما تسيطر البكتيريا الضارة، يضطرب هذا الإيقاع، ما يسبب الأرق والقلق وتقطع النوم.

الالتهاب: العدو الصامت للنوم

علاوة على ذلك، تلعب الأمعاء دوراً حاسماً في التحكم بالالتهاب. فالأمعاء السليمة تحافظ على توازن الجهاز المناعي وتمنع تسرب المواد الضارة إلى الدم.لكن عندما يتسبب خلل بكتيري أو نظام غذائي سيئ في تهيج بطانة الأمعاء، تتسرب الجزيئات الالتهابية إلى مجرى الدم، ما يؤدي إلى التهاب مزمن يعطل النوم بشكل مباشر.

حيث يعطل قدرة الدماغ على الانتقال السلس بين مراحل النوم المختلفة، فإن المواد الكيميائية الناتجة عن الالتهاب تؤثر على نفس مناطق الدماغ التي تتحكم في اليقظة والراحة. لهذا السبب، يعاني الأشخاص المصابون بأمراض معوية التهابية، مثل متلازمة القولون العصبي أو حساسية الطعام، من صعوبات في النوم. 

وهذه الحالات تسبب تهيجاً في بطانة الأمعاء، مما يسمح للمواد المحفزة للالتهاب بالتسرب إلى مجرى الدم، وزيادة مستويات هرمون التوتر (الكورتيزول)، مما يبقي الجسم في حالة تأهب بدلاً من الاسترخاء.

الحلقة المفرغة بين التوتر وصحة الأمعاء والنوم

العلاقة بين التوتر وصحة الأمعاء والنوم هي علاقة متبادلة ومستمرة. فالضغط النفسي يغير تركيبة ميكروبات الأمعاء، ما يقلل من البكتيريا المفيدة ويزيد من المركبات الالتهابية. وبدوره، يرسل اضطراب الأمعاء إشارات استغاثة إلى الدماغ، ما يزيد من القلق ويسبب اضطرابات في النوم. 

فإن قلة النوم ترفع مستويات الكورتيزول، ما يفاقم الخلل في الأمعاء وهذا يخلق حلقة مفرغة يصعب كسرها إلا بدعم صحة الأمعاء.

العلاقة بين التوتر وصحة الأمعاء والنومالعلاقة بين التوتر وصحة الأمعاء والنوم

استراتيجيات عملية لتحسين النوم عبر دعم الأمعاء

إن تقوية صحة الأمعاء يمكن أن تحسن النوم بشكل ملحوظ من خلال خطوات بسيطة وعملية:

1-تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك والبريبايوتيك: تدعم الأطعمة المخمرة مثل الزبادي والميكروبات المفيدة.

2-تقليل السكر والأطعمة المصنعة: يساهم ذلك في تقليل الالتهاب ومنع نمو البكتيريا الضارة التي تتغذى على هذه الأطعمة.

3-الحفاظ على مواعيد وجبات ثابتة: يساعد ذلك في الحفاظ على إيقاع يومي مستقر للجهاز الهضمي، الذي يمتلك ساعته البيولوجية الخاصة.

4-إدارة التوتر: تساهم في كسر الحلقة المفرغة بين التوتر واضطراب الأمعاء.

5-الحفاظ على رطوبة الجسم: شرب كمية كافية من الماء يدعم عملية الهضم ويحمي بطانة الأمعاء.