تُستخدم أدوية مثل pregabalin و gabapentin على نطاق واسع لعلاج الألم المزمن غير الخبيث والذي يعاني منه ما يصل إلى 30% من المرضى، وبالرغم من اعتبارهما بديلين آمنين للمسكنات الأفيونية فإن نتائج جديدة أثارت القلق حول قدرة هذه الأدوية على تضليل الأطباء والتسبب في تشخيصات خاطئة عن فشل القلب أو زيادة فرص حدوثه خاصةً مع استعمال pregabalin.
مسكنات الألم وتأثرها على القلب
يعتمد الدواءان على آلية واحدة في تهدئة إشارات الألم لكن pregabalin أكثر قوة في التأثير على جزء محدد من قنوات الكالسيوم في الأعصاب، هذه الفاعلية الزائدة هي ما جعل الباحثين يتساءلون إن كانت قد ترفع خطر الإصابة بفشل القلب خصوصاً لدى كبار السن أو من يعانون من أمراض قلبية مسبقة.
الدراسة، المنشورة في "JAMA Internal Medicine"، كانت مراجعة واسعة لبيانات مرضى "Medicare" بين عامي 2015 و2018 وجمعت أكثر من 246 ألف مريض تتراوح أعمارهم بين 65 و89 عاماً جميعهم يعانون من ألم مزمن غير خبيث أي غير ناتج عن الأورام ولم يسبق تشخيصهم بفشل القلب.
واعتمد الباحثون على مقارنة مستخدمين جدد للدواءين، حيث تلقى 18,622 مريضًا pregabalin، وحصل 227,615 مريضاً على gabapentin.
خلال متابعة طويلة لمجموعة كبيرة من الناس، وجد الباحثون أن بين مستخدمي (pregabalin) حوالي 18 شخصاً من كل 1000 أصيبوا بفشل القلب خلال سنة واحدة من المتابعة، بينما عانى 12 شخصاً من كل 1000 بفشل القلب عندما تناولوا (gabapentin) خلال نفس الفترة.
بعد حساب كل العوامل الأخرى تبين أن مستخدمي (pregabalin) معرضون لخطر أكبر بحوالي 50% مقارنة بمستخدمي (gabapentin).
أمراض القلب تزيد خطر فشل القلب
عندما ركّز الباحثون على المرضى الذين لديهم تاريخ سابق من أمراض القلب ارتفعت الخطورة أكثر أي ما يقارب ضعف احتمال الإصابة بفشل القلب مقارنةً بـ gabapentin، كما لوحظ ارتفاع في التشخيصات الخارجية لفشل القلب لدى مستخدمي pregabalin بنسبة 27%.
من جهة أخرى لم يكن هناك فرق معنوي في الوفيات الإجمالية بين المجموعتين ما يشير إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في زيادة التشخيصات وحدوث أعراض تشبه فشل القلب.
الأعراض التي قد يسببها pregabalin مثل تورم الساقين و زيادة الوزن السريعة وضيق النفس تشبه إلى حد كبير أعراض فشل القلب الحقيقي، هذا التشابه يمكن أن يدفع الأطباء لإجراء تشخيص خاطئ أو قد يخفي بداية فشل قلب حقيقي عند بعض المرضى.
يشدد الباحثون على أهمية نتائج هذه الدراسة عند وصف pregabalin لمرضى كبار السن أو أولئك الذين لديهم عوامل خطورة قلبية، ويؤكدون أن gabapentin قد يكون الخيار الأكثر أماناً في هذه الفئة لتقليل احتمالات حدوث أعراض مربكة للطبيب والمريض.
كما نبهت الدراسة إلى ضرورة متابعة المرضى بدقة وإعادة تقييم العلاج عند ظهور علامات احتباس السوائل أو ضيق التنفس مع التأكيد على أن هذه النتائج يجب أن تدمج في التوجيهات الطبية المستقبلية.
تسلّط هذه النتائج الضوء على تحدٍ حقيقي في التعامل مع الألم المزمن من خلال البحث عن مسكنات فعّالة دون التسبب في مضاعفات أو تشخيصات مربكة، ومع ارتفاع أعمار السكان واعتماد النسبة الأكبر من المرضى على هذه الأدوية يصبح من المهم مراجعة سياسات وصفها وتثقيف المرضى بشأن المخاطر المحتملة.