هل يحتاج المرضى حقا للصيام قبل الجراحة؟ دراسة جديدة تقلب الموازين

اعتاد المرضى في جميع أنحاء العالم على الامتناع عن الطعام والشراب لساعات طويلة قبل العمليات الجراحية كإجراء احترازي يهدف إلى منع حدوث القيء أثناء التخدير، ما قد يؤدي إلى استنشاق محتويات المعدة والإصابة بـ الالتهاب الرئوي، لكن دراسة تحليلية جديدة نشرت في مجلة Surgery تشير إلى أن هذه الممارسة المتبعة منذ عقود قد تكون غير ضرورية من الناحية الطبية.

ممارسة تقليدية تحت المجهر

يقول الدكتور إدوارد ليفينغستون، أستاذ علوم الصحة والجراحة بكلية ديفيد جيفن للطب في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، إن كل شخص تقريباً سيخضع لإجراء طبي في مرحلة ما من حياته وتفرض جميع المؤسسات الصحية تقريباً سياسات صارمة تتعلق بالصيام قبل العمليات.

وأضاف: "الصيام لفترات طويلة أمر غير مريح للغاية والمرضى غالباً ما يرفضونه، وتشير أبحاثنا إلى أن تلك الفترات الطويلة قد لا تكون ضرورية".

معايير ضغط الدم خلال الجراحة.. لا فرق على الوظائف الإدراكية الامتناع عن الطعام والشراب لساعات طويلة قبل العمليات الجراحية 

تحليل شامل لبيانات حديثة

استند الفريق البحثي إلى تحليل بيانات 17 دراسة نُشرت بين عامي 2016 و2023 شملت ما يقرب من 1800 مريض، وقارن الباحثون بين من التزموا بالصيام الكامل حسب الإرشادات الطبية وبين من تناولوا طعاماً أو شراباً قبل الجراحة بمدة أقصر أو لم يصوموا إطلاقاً.

وأظهرت النتائج أن حالات استنشاق القيء أثناء الجراحة كانت نادرة جداً في كلا المجموعتين، حيث حدثت هذه المضاعفات في 4 من بين 801 مريض لم يلتزموا بالصيام التقليدي مقابل 7 من بين 990 مريضاً صاموا كما هو متبع.

أدلة غائبة خلف الإرشادات القديمة

في دراستهم، أشار الباحثون إلى أن الصيام قبل الجراحة هو ممارسة معيارية تعود إلى عقود طويلة وقد أوصت بها الإرشادات السريرية دون وجود كثير من الأدلة الحديثة التي تدعمها، فعدد قليل فقط من الدراسات الطبية الأصلية بحثت بالفعل في أصل هذا التقليد ومدى فعاليته الفعلية.

كما أظهرت مراجعة أكثر من 80 دراسة منشورة أن العديد من المرضى يصومون لفترات أطول من اللازم بكثير دون داعٍ حقيقي لذلك.

الجراحة لاستئصال سرطان القنوات الصفراويةأدلة غائبة خلف الإرشادات القديمة

دعوة لتحديث الإجراءات باستخدام تقنيات حديثة

يوصي الباحثون بضرورة إجراء تجارب سريرية جديدة تقلص فترات الصيام قبل الجراحة مستفيدين من أدوات تشخيصية حديثة مثل التصوير بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound) للمعدة والتي يمكن أن تُستخدم لتقييم حجم محتويات المعدة وتقدير خطر القيء.

في حال أظهرت هذه الفحوصات أن معدة المريض شبه فارغة يمكن إعطاؤه التخدير بأمان دون الحاجة إلى صيام مطول.

يؤكد الباحثون أن اعتماد نهج فردي مستند إلى تقييم دقيق لحالة المريض قد يوفر راحة أكبر للمرضى دون المساس بسلامتهم، ما يمهد الطريق لإعادة النظر في إرشادات الصيام التقليدية المعتمدة قبل العمليات الجراحية.