عندما تشعر بالإرهاق أو القلق تجاه أمر معين غالباً لا تفكر في تحديد ما إذا كنت متوتراً أم قلقاً؛ إذ أن كلا الشعورين شائعين ويؤثران على الحياة اليومية، إلا أن فهم الفرق بين التوتر والقلق يمكن أن يساعدك في تعلم طرق فعالة للتعامل معهما.
تقول الدكتورة إليزابيث هوغ، مديرة برنامج أبحاث اضطرابات القلق في مركز جامعة جورجتاون الطبي: "التوتر والقلق ليسا حالتين طبيعتين للإنسان والعيش فيهما بشكل مستمر يمثل تحدياً كبيراً".
وتشير الدراسات إلى أن نسبة كبيرة من البالغين يعانون من زيادة في مستويات القلق والتوتر، حيث كشف استطلاع الجمعية الأمريكية للطب النفسي لعام 2024 أن 43% من البالغين يشعرون بمزيد من القلق مقارنة بالعام السابق و53% يؤكدون تأثر صحتهم النفسية بالتوتر بسبب عوامل متعددة منها الصحة العامة والسياسة والاقتصاد والعنف وتغير المناخ.
نسبة كبيرة من البالغين يعانون من زيادة في مستويات القلق والتوتر
تعرّف "هوغ" التوتر بأنه استجابة الجسم والدماغ لضغط خارجي مثل عبء العمل الزائد أو التعامل مع حالة صحية لأحد أفراد العائلة، وغالباً ما يختفي التوتر عند زوال السبب، أما القلق، وفقاً للدكتورة ليلى براون، مديرة مركز علاج ودراسة القلق بجامعة بنسلفانيا، فهو توقع مستمر لاحتمالية وقوع أمر سلبي في المستقبل.
وتشير "هوغ" إلى أن هذين المصطلحين يُستخدمان في كثير من الأحيان بشكل متبادل لأن التوتر قد يؤدي إلى القلق والعكس صحيح، وقد يعاني الشخص من الحالتين معاً، وعندما يكون الإنسان قلقاً أو متوتراً لا يهمه عادة تحديد أيهما يعاني.
فرق جوهري بين التوتر والقلق هو أن القلق قد يكون اضطراباً نفسياً يمكن تشخيصه بينما لا يُعتبر التوتر مرضاً، وتُعرّف اضطرابات القلق مثل اضطراب الهلع أو اضطراب القلق الاجتماعي أو اضطراب القلق العام في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM-5، ويُشخص اضطراب القلق عندما تكون الحالة شديدة وتؤثر سلباً على الأداء الوظيفي واليومي للفرد.
توضح "براون": "الجميع يمكن أن يشعر بالقلق لكن عندما يصاحبه ضعف في الأداء الوظيفي فقد يتحول إلى اضطراب قلق، أما التوتر وحده فلا يؤدي إلى تشخيص طبي".
اضطرابات القلق
على الرغم من أهمية التمييز بين التوتر والقلق فإن د. براون ترى أنه في حالة الشعور بالضغط النفسي قد لا يكون من المهم التفرقة بينهما للناس، ما هو مهم هو ملاحظة كيف يؤثر ذلك على حياتهم سواء كان ذلك في العمل أو المنزل أو النوم أو العلاقات الاجتماعية.
وتوصي د. هوغ بمراجعة معالج نفسي أو طبيب في حال أصبحت الحالة مزعجة أو تؤثر على الأداء، حيث يمكن للطبيب أن يميز ما إذا كانت الحالة توتراً عادياً أم اضطراب قلق يستدعي العلاج.
توضح د. هوغ أن الإنسان لديه القدرة على التعامل مع مستويات معينة من التوتر والقلق، فالتوتر الإيجابي مثل العمل الإضافي الذي تشعر أنك قادر على إنجازه قد يساعدك في تحقيق أهدافك، أما الضرر الحقيقي فهو في كيفية رد فعل الفرد تجاه التوتر والقلق سواء بالانفجار على الآخرين أو الهوس بالمشكلة بحسب د. براون.
كيف تتعامل مع التوتر والقلق؟
يرتبط التوتر والقلق المزمن بعدة مشاكل صحية مثل الأرق وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وتعاطي المخدرات، لذلك فإن تعلم استراتيجيات التكيف أمر ضروري.
زيادة الوعي: تنصح د. براون بالوعي بالسلوكيات التي تتبعها بناءً على مشاعرك للتخلص من القلق، موضحة أن بعض هذه السلوكيات قد تريح مؤقتاً لكنها تزيد الأمر سوءاً على المدى الطويل، والحل يكمن في عكس تلك السلوكيات.
ممارسة النشاط البدني: تشير الأبحاث إلى أن التمارين الرياضية تحفز إفراز الإندورفين مما يحسن المزاج ويساعد على النوم، وتربط دراسات متعددة النشاط البدني بانخفاض مستويات التوتر والقلق وتحسين الصحة النفسية.
ممارسة النشاط البدني
طلب العلاج المناسب: لا يوجد وقت محدد للتعامل الذاتي مع التوتر أو القلق وعندما يؤثر ذلك على حياتك يجب زيارة الطبيب، ويبدأ العلاج غالباً بفحص طبي لاستبعاد حالات طبية تسبب القلق مثل مشاكل الغدة الدرقية ثم الإحالة إلى معالج نفسي، ويعتبر العلاج السلوكي المعرفي (CBT) العلاج المعياري الذهبي لاضطرابات القلق إذ يساعد المريض على مواجهة مخاوفه وتغيير أنماط التفكير والسلوك الضارة.