يُعد اكتئاب ما بعد الولادة أحد أكثر المضاعفات شيوعاً بعد الإنجاب، ويؤثر على نحو واحدة من كل 7 نساء، ويتسبب في نوبات شديدة من الاكتئاب والقلق، ويصعب على الأمهات الجدد الارتباط بمولودهن وقد يؤدي في بعض الحالات إلى أفكار انتحارية.اكتئاب ما بعد الولادة
ومنح اختبار دم جديد أملاً في التنبؤ باكتئاب ما بعد الولادة قبل ظهور الأعراض، مما يفتح المجال لتحول طبي جوهري من العلاج إلى الوقاية، وعلى مدى أكثر من عقد عمل الباحثون على تحديد علامات حيوية إبجينية –مؤشرات في الحمض النووي تعكس تغييرات في التعبير الجيني– تُظهر احتمالية الإصابة بالاكتئاب بدقة تصل إلى 80% خلال الثلث الثالث من الحمل، بحسب دراسة نُشرت عام 2020 في مجلة "Psychiatry Research".
وبحسب الدكتورة لورين أوزبورن، نائبة رئيس قسم البحوث السريرية في Weill Cornell Medicine بنيويورك والمؤلفة الثانية في الدراسة، فإن هذه العلامات تنبأت بالإصابة لدى نساء لديهن تاريخ مرضي وأخريات لم تظهر عليهن أعراض وقت الفحص.
تؤكد جيمي ماجواير، أستاذة علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة تافتس، أن اختبار الدم من شأنه تنبيه الفرق الطبية إلى الخطر المحتمل مما يتيح تدخلاً مبكراً ودقيقاً ويُدخل مفاهيم الطب الدقيق إلى عالم الطب النفسي.
وترى جينيفر باين، أستاذة الطب النفسي التناسلي بجامعة فرجينيا، أن وجود مؤشر بيولوجي سيقلل من الوصمة الاجتماعية إذ يُظهر أن الحالة طبية وتتطلب علاجاً.
وتشير "باين" إلى أن هناك نوعين رئيسيين من اكتئاب ما بعد الولادة: أحدهما مرتبط بتاريخ نفسي سابق، والآخر يعتمد على الهرمونات، ويصيب نساء لم يعانين من أمراض نفسية من قبل، وهذا الأخير يستجيب عادةً للعلاج الهرموني.
العلاج التقليدي لاكتئاب ما بعد الولادة يجمع بين الأدوية والعلاج النفسي، وتشير التوصيات إلى إمكانية مواصلة مضادات الاكتئاب خلال الحمل مثل: citalopram Celexa ،escitalopram Lexapro ،fluoxetine Prozac، وsertraline Zoloft، والتي تُعد آمنة عموماً للأم والجنين.
وفي عام 2023، اعتمدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) دواء zuranolone Zurzuvae خصيصاً لعلاج اكتئاب ما بعد الولادة المرتبط بالهرمونات، حيث يقول الأطباء إنه في حال توفر اختبار الدم، يبدأ العلاج داخل المستشفى فور الولادة.
وتُستخدم أيضاً تقنيات العلاج النفسي مثل العلاج التفاعلي بين الأشخاص والعلاج السلوكي المعرفي (CBT) لتوفير أدوات مواجهة فعالة وتعديل أنماط التفكير السلبية. قلة النوم تُعد من العوامل المساهمة في اكتئاب
تشير الدراسات إلى أن قلة النوم تُعد من العوامل المساهمة في اكتئاب ما بعد الولادة، وتُظهر دراسة نُشرت عام 2024 أن النوم المتواصل 4 إلى 5 ساعات ليلاً يساعد في الوقاية، لكن تحقيق هذا الشرط قد يكون صعباً مع طفل حديث الولادة؛ لذا يُوصي الخبراء بالاستعانة بدعم العائلة والأصدقاء أو حتى تخصيص قائمة هدايا لتمويل "ممرضة ليلية".