أشارت دراسة حديثة نُشرت في دورية JACC: Heart Failure إلى وجود علاقة وثيقة بين ارتفاع مستويات بعض المعادن في البول وزيادة خطر الإصابة بفشل القلب على المدى الطويل، بناءً على بيانات من مشاركين ينتمون إلى خلفيات جغرافية وعرقية متنوعة.
هدفت الدراسة، التي قادتها الدكتورة إيرين مارتينيز-موراتا من كلية ميلمان للصحة العامة – جامعة كولومبيا في نيويورك، إلى تقييم العلاقة المستقبلية بين وجود المعادن في البول واحتمالية الإصابة بفشل القلب، واعتمدت الدراسة على تحليل بيانات ثلاث مجموعات بحثية:
دراسة تصلب الشرايين متعددة الأعراق (Multi-Ethnic Study of Atherosclerosis) وشملت 6,601 مشارك في الولايات المتحدة.
دراسة القلب القوي (Strong Heart Study) وشملت 2,917 مشاركاً.
دراسة هورتغا (Hortega Study) وشملت 1,300 مشارك في إسبانيا.
وجود المعادن في البول واحتمالية الإصابة بفشل القلب
خلال فترة متابعة امتدت لعشرين عامًا، سجّلت الدراسة ارتباطاً ملحوظاً بين مضاعفة تركيز بعض المعادن في البول وزيادة خطر الإصابة بفشل القلب، وكانت النتائج كما يلي:
الكادميوم (Cadmium): نسبة خطر 1.15
الموليبدينوم (Molybdenum): نسبة خطر 1.13
الزنك (Zinc): نسبة خطر 1.22
كما لاحظ الباحثون أن الزيادة في خليط متعدد المعادن، يشمل الزرنيخ (Arsenic) والكادميوم والموليبدينوم والسيلينيوم (Selenium) والزنك، ارتبطت بشكل متسق مع ارتفاع خطر الإصابة بفشل القلب في كل مجموعة من المجموعات الثلاث حتى بعد تعديل النماذج الإحصائية لأقصى حد لتأخذ في الحسبان العوامل الصحية والديموغرافية الأخرى.
قياسات دقيقة تعكس واقع الحياة اليومية
قالت الدكتورة مارتينيز-موراتا في تصريح صحفي: "معظم الدراسات السابقة ركزت على تقييم تأثير كل معدن على حدة، بينما نحن قمنا بتحليل المعادن كمزيج وهو ما يعكس بشكل أكبر نمط التعرض الحقيقي الذي يعيشه الناس في حياتهم اليومية".
وأضافت أن قياس مستويات المعادن في البول يعد أداة فعالة للكشف عن التعرض التراكمي للمعادن في الجسم ما يوفر مؤشراً مبكراً يمكن من خلاله التدخل قبل حدوث الأضرار القلبية.
اللافت في الدراسة أن النتائج بقيت متسقة حتى عند تحليلها وفقاً لاختلاف كفاءة ضخ البطين الأيسر، وهو مقياس رئيسي في تشخيص فشل القلب، ما يشير إلى أن تأثير المعادن لا يعتمد بالضرورة على نوع الفشل القلبي بل يرتبط بالخطر العام للإصابة.
وبالرغم من أن الدراسة لا تثبت علاقة سببية مباشرة فإنها تسلط الضوء على أهمية تقليل التعرض البيئي للمعادن الثقيلة والمعادن الصناعية الأخرى كجزء من استراتيجية شاملة للوقاية من أمراض القلب.
نتائج متسقة رغم اختلاف الخلفيات السكانية
تدعو هذه النتائج إلى الاهتمام المتزايد بالعوامل البيئية التي قد لا تحظى بالقدر الكافي من المراقبة في السياق الطبي رغم تأثيرها المحتمل على صحة القلب، كما تفتح الباب أمام المزيد من الدراسات لتحديد مصادر هذه المعادن في البيئة اليومية سواء عبر الغذاء أو الماء أو التلوث الصناعي، ووضع سياسات وقائية للحد من تأثيراتها الضارة على المدى البعيد.