مع التقدم في العمر تبدأ مستويات هرمون التستوستيرون في الانخفاض تدريجيًا عادة من سن الأربعين فصاعدًا بمعدل يقارب 2.8٪ سنويًا، وتشير الدراسات إلى أن نحو 20٪ من الرجال في الستينيات وأكثر من نصف الرجال في الثمانينيات يعانون من مستويات منخفضة بشكل ملحوظ من هذا الهرمون.
هذا الانخفاض لا يرتبط فقط بالعمر بل بعوامل أخرى مثل السمنة و التدخين وقلة النشاط البدني والسكري، فكلما زاد تراكم الدهون حول الأعضاء الداخلية ارتفع معدل تحويل التستوستيرون إلى هرمون الإستروجين مما يُسرّع الانخفاض الهرموني ويؤثر سلبًا على الصحة العامة.
انخفاض هرمون التستوستيرون وتأثيره على القلب
مع التقدم في السن يضعف الإيقاع اليومي لإفراز التستوستيرون، كما ترتفع مستويات البروتين الرابط للهرمونات الجنسية (SHBG) مما يقلل كمية الهرمون النشط في الدم، هذه التغيرات ترتبط بظهور أعراض مثل انخفاض الطاقة والتعب وضعف التركيز وقلة الرغبة الجنسية وهشاشة العظام.
كما يلاحظ الأطباء أن انخفاض التستوستيرون يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني والاكتئاب.
تأثير الدهون الحشوية على هرمون التستوستيرون
أسلوب الحياة قليل الحركة يفاقم تراجع التستوستيرون بشكل واضح، فقلة النشاط تؤدي إلى زيادة الدهون الحشوية وفقدان الكتلة العضلية وهما عاملان يقللان من إنتاج التستوستيرون الطبيعي، كذلك قلة النوم والتوتر المزمن يؤديان إلى زيادة إفراز هرمون الكورتيزول وهو ما يثبط إنتاج التستوستيرون ويزيد من الإرهاق والاكتئاب، وبهذا يدخل الجسم في دائرة مفرغة من الخمول والضعف الهرموني.
أشارت مراجعة علمية حديثة نُشرت في "Frontiers in Endocrinology" إلى أن تبنّي استراتيجيات مضادة للتقدم في العمر قد يحسّن توازن الهرمونات لدى الرجال الأكبر سنًا، ويشمل ذلك النشاط البدني والنظام الغذائي المتوازن والنوم الكافي والحد من التوتر.
التمارين المنتظمة خصوصًا تمارين المقاومة ورفع الأثقال من أكثر الطرق فعالية لزيادة إنتاج التستوستيرون بشكل طبيعي، وتوصي منظمة الصحة العالمية بممارسة نشاط بدني متوسط الشدة من 150 إلى 300 دقيقة أسبوعيًا أو نشاط قوي من 75 إلى 150 دقيقة.
النظام الغذائي الغني بالبروتينات والخضروات والفواكه والدهون الصحية والعناصر الدقيقة مثل الزنك وفيتامين D يساهم في دعم إنتاج التستوستيرون، وتشير بعض الأبحاث إلى أن تناول العسل بانتظام قد يحفّز إفراز الهرمون عبر رفع هرمون (LH) الذي يفرز من الغدة النخامية.
أظهرت دراسات في "Nutrients وEndocrine Reviews" أن تقييد السعرات الحرارية المعتدل (Caloric Restriction) يساعد في تقليل الأمراض المرتبطة بالعمر وتحسين حساسية الإنسولين مما ينعكس إيجابًا على إنتاج الهرمونات الذكرية.
العلاج التعويضي بالتستوستيرون أثبت فاعليته في تحسين كثافة العظام والكتلة العضلية والرغبة الجنسية، كما حسّن الأداء العقلي في بعض الدراسات، لكن الأطباء يحذرون من الإفراط في استخدامه دون إشراف طبي نظرًا لاحتمال زيادة خطر الجلطات أو تضخم البروستاتا.
كما تُظهر مركبات طبيعية مثل الريسفيراترول والكركمين والكيرسيتين خصائص واعدة في دعم صحة الخصيتين وتحفيز إنتاج التستوستيرون بفضل تأثيرها المضاد للأكسدة.
تُجري دراسات حالية حول زرع خلايا لايديغ الجذعية لاستعادة إنتاج التستوستيرون وتنظيمه بإشراف الغدة النخامية لكن هذه الأبحاث لا تزال في مراحلها التجريبية على الحيوانات.