شهدت صناعة التجميل تحولًا كبيرًا في السنوات الأخيرة نحو الاعتماد على المكونات الطبيعية بدلاً من الصناعية، فهذا التوجه جاء نتيجة تزايد وعي المستهلكين بالمخاطر الصحية والبيئية المرتبطة بالمركبات الكيميائية في مستحضرات العناية بالبشرة، كما أشارت دراسات عديدة نُشرت في مجلة "Cosmetics وJournal of Cleaner Production " أن هذه التوجهات لا تعكس فقط الرغبة في الحفاظ على البيئة بل أيضًا في إنتاج مستحضرات صديقة للبشرة وأكثر أمانًا.
الأشعة فوق البنفسجية
المخلفات الزراعية التي كانت تُعدّ عبئًا بيئيًا أصبحت اليوم موردًا ثمينًا، حيث أظهرت دراسة حديثة أن قشور البصل (Onion Peels) وقشور فاكهة العاطفة "الباشن فروت Passion Fruit Peels" تحتوي على مركبات فينولية قوية ذات خصائص مضادة للأكسدة والبكتيريا كما يمكنها امتصاص الأشعة فوق البنفسجية، هذه الخصائص تجعلها بدائل واعدة للمكونات الاصطناعية مثل BHT وOxybenzone المستخدمة في كريمات الوقاية من الشمس.
وبحسب تحليل HPLC تبين أن قشور البصل تحتوي على تركيز مرتفع من مركب الكيرسيتين (Quercetin) وهو المسؤول عن تأثيرها القوي في حماية الخلايا من الجذور الحرة وتعزيز مقاومة الجلد لأشعة الشمس.
كريمات الترطيب الواقية من الشمس
قام الباحثون بإنتاج 9 أنواع من كريمات الترطيب الواقية من الشمس بتراكيب مختلفة تحتوي على مستخلصات قشور البصل والباشن فروت إلى جانب المواد الاصطناعية التقليدية، وبعد اختبارها لمدة 28 يومًا أظهرت النتائج أن جميع التركيبات ظلت مستقرة من حيث اللون والرائحة واللزوجة كما احتفظت بخواصها الكيميائية والفيزيائية.
وأوضحت القياسات أن المستخلصات الطبيعية تتمتع بقدرة كبيرة على مقاومة الأكسدة وهو ما يقلل تلف الزيوت داخل الكريمات ويحافظ على فعاليتها لفترات أطول بل إنها أظهرت نتائج قريبة من مضادات الأكسدة الاصطناعية عند استخدامها بتركيزات أعلى.
قيمة عامل الحماية من الشمس (SPF) للمستخلصات النباتية أثبتت فعاليتها إذ امتصت قشور البصل الأشعة فوق البنفسجية بدرجة أعلى من قشور الباشون فروت ما يجعلها خيارًا ممتازًا لإضافتها إلى واقيات الشمس الطبيعية، فهذه المكونات يمكن أن توفر حماية متكاملة من أشعة UVA وUVB مع تقليل المخاطر الصحية والبيئية المرتبطة بالفلاتر الكيميائية.
يمثل استخدام المخلفات الزراعية في مستحضرات التجميل خطوة مهمة نحو الاقتصاد الدائري حيث يُعاد تدوير المواد المهملة في إنتاج منتجات مفيدة وعالية الجودة، وبالتالي فهذه الفكرة لا تحسن من استدامة الصناعة فحسب بل تقلل أيضًا من التلوث الناتج عن التخلص من النفايات الزراعية.