يبدأ دماغ الجنين في النمو قبل أن تعرف الأم أنها حامل، ففي الأسبوع الخامس من الحمل تقريبًا تبدأ الخلايا العصبية الأولى في الانقسام لتشكّل نوعين من الخلايا: العصبونات (neurons) والخلايا الداعمة (glia)، وهما اللبنة الأساسية للجهاز العصبي.
وفي نفس الأسبوع تبدأ اللوحة العصبية بالالتفاف لتكوّن ما يُعرف بـ"الأنبوب العصبي" الذي يُغلق بحلول الأسبوع السادس ليصبح فيما بعد الدماغ والحبل الشوكي، وبحلول الأسبوع العاشر يبدو الدماغ أكثر وضوحًا وإن كان لا يزال ناعمًا وصغيرًا، أما الطيات المعقدة التي تميز الدماغ البشري فتظهر لاحقًا خلال الحمل.
تطور الروابط العصبية في دماغ الجنين
تظهر أولى الروابط العصبية في الحبل الشوكي عند الأسبوع السابع بينما يبدأ النشاط الكهربائي في الدماغ خلال الأسبوع الثامن مما يسمح للجنين بتحريك أطرافه تلقائيًا، وهي حركات يمكن رؤيتها عبر الموجات فوق الصوتية.
مع مرور الأسابيع تتطور الحركات أكثر فيبدأ الجنين في التمدد والتثاؤب والمصّ بنهاية الثلث الأول من الحمل ثم يزداد التنسيق بين حركاته في الثلث الثاني.
أما جذع الدماغ المسؤول عن التحكم في التنفس ونبض القلب فيكتمل تقريبًا عند نهاية الثلث الثاني بينما القشرة الدماغية (cerebral cortex) - المسؤولة عن التفكير والشعور- تبدأ نشاطها الحقيقي قرب نهاية الحمل.
مراحل تكون الجنين
يتكوّن الدماغ من خمس مناطق رئيسية لكل منها وظيفة محددة:
الثلث الأول: بعد حوالي 16 يومًا من الإخصاب يبدأ تكوين اللوحة العصبية التي تتحول تدريجيًا إلى الأنبوب العصبي، ومع نهاية الثلث الأول يكون الجنين قد بدأ بالحركة وتطورت لديه حاسة اللمس الأولى.
الثلث الثاني: يبدأ الدماغ بإدارة حركات تنفسية تجريبية كما يتدرب الجنين على المصّ والبلع، وبحلول الأسبوع الـ21 يبتلع الجنين عدة أونصات من السائل الأمنيوسي يوميًا ما يساعده على تذوق بيئته داخل الرحم، وفي الأسبوع الـ28 تظهر دورات نوم منتظمة تشمل مرحلة الأحلام (REM).
الثلث الثالث: يتسارع نمو الدماغ بشكل مذهل إذ يتضاعف وزنه 3 مرات خلال الأسابيع الأخيرة، حيث تبدأ الأسطح الدماغية بالتجعد ويتطور المخيخ (Cerebellum) بسرعة هائلة مسؤولاً عن التحكم الدقيق بالحركات، أما القشرة الدماغية فتبدأ أداء وظائفها عند الولادة وتستمر في التطور خلال الطفولة.
منذ بداية الحمل تحتاج الأم إلى 400 ميكروجرام من حمض الفوليك يوميًا قبل الحمل و600 ميكروجرام أثناء الحمل، ويساهم حمض الفوليك في نمو الخلايا وتكوين الحمض النووي ويقلل خطر عيوب الأنبوب العصبي بنسبة 70%، كما أظهرت الدراسات المنشورة في "What to Expect" أنه يقلل خطر التوحّد بنسبة تصل إلى 40%.
كذلك يُعد الأوميجا-3 (DHA) ضروريًا لتطور الدماغ والعينين ويمكن الحصول عليه من الأسماك الآمنة مثل السلمون والسردين أو من مكملات زيت الطحالب للنباتيين.
لا يتوقف نمو الدماغ عند الولادة بل يستمر في التطور السريع حتى سن الخامسة وتكتمل البنية الأساسية عند سن التاسعة، أما الفص الجبهي (Prefrontal Cortex) - المسؤول عن اتخاذ القرار والذاكرة والتفكير المنطقي- فلا ينضج تمامًا حتى عمر 25 عامًا.