يعمل الباحثون حول العالم على إيجاد طرق جديدة لعلاج فشل القلب أحد أكثر الأمراض المميتة عالمياً. وفي خطوة علمية لافتة، أعلن باحثو "Mayo Clinic" عن تطوير رقعة خلايا جذعية قابلة للطي يمكن زرعها في القلب عبر شق صغير ما قد يفتح الباب أمام علاج إصابات القلب دون اللجوء إلى جراحة القلب المفتوح.
التقنية الجديدة نُشرت في مجلة "Acta Biomaterialia"، وتشير نتائجها إلى إمكانية استعادة القلب لجزء من وظيفته الطبيعية بعد أن يفقدها إثر نوبات القلب أو الأمراض المزمنة.
فشل القلب
يظل الاحتشاء القلبي من أبرز أسباب الوفاة حول العالم، فعندما يتوقف تدفق الدم إلى عضلة القلب تموت الخلايا بسبب نقص الأكسجين وتتحول إلى نسيج ليفي (ندبة) غير قادر على الانقباض أو نقل الإشارات الكهربائية.
يقول الدكتور ووقيانغ تشو، الباحث الرئيسي: "القلب البشري البالغ لا يستطيع تجديد نفسه بعد فقدان خلاياه ولذلك يكون علاج فشل القلب المزمن صعباً للغاية".
على مدى سنوات حاول العلماء تعويض الخلايا الميتة بخلايا قلبية جديدة تُنتج من الخلايا الجذعية، لكن التحدي الأكبر كان دائمًا كيفية إيصال تلك الخلايا إلى القلب بأمان وفاعلية خاصة أن معظم الطرق كانت تتطلب جراحة قلبية كبيرة لا يتحملها المرضى شديدو الضعف.
بالتعاون مع مهندسين من جامعة نبراسكا كلية الطب بأمريكا، صمم فريق Mayo Patch رقعة رقيقة للغاية مصنوعة من ألياف نانوية وميكروية مغطاة بالجيلاتين، هذه البنية تعمل كإطار حي يدعم:
-خلايا عضلة القلب
-خلايا الأوعية الدموية
-خلايا ليفية مسؤولة عن البنية النسيجية
كما تُغذى الرقعة قبل الزرع بعوامل محفزة مثل FGF1 وCHIR99021 لتشجيع نمو الأوعية الدموية ومساعدة الخلايا على البقاء بعد الزرع.
الميزة الأكثر إبداعاً هي إمكانية طيّ الرقعة مثل الورقة ووضعها داخل أنبوب رفيع يُمرَّر من خلال شق صغير في الصدر، وبمجرد وصولها إلى سطح القلب تنفتح تلقائياً وتلتصق به باستخدام لاصق طبي متوافق حيوياً بلا غرز أو أضرار إضافية.
أظهرت التجارب أن الرقعة الجديدة أدت إلى:
-تحسن ملحوظ في أداء القلب
-انخفاض نسبة الندبات داخل العضلة
-زيادة تكوين الأوعية الدموية
-تقليل الالتهابات مقارنة بالطرق التقليدية
وقال الدكتور تشو: "نتائجنا تظهر أن هذه الأنسجة الهندسية لا تنجو فحسب، بل تساعد القلب على أن يشفي نفسه".
رقعة من الخلايا الجذعية تصلح تلف القلب
تتوافق هذه الأبحاث مع مبادرة "Mayo Clinic" المسماة Genesis، التي تهدف إلى تسريع تطوير علاجات تُعيد بناء الأعضاء والأنسجة البشرية، ويأمل الباحثون أن تُقدّم هذه التقنية خياراً جديداً لآلاف المرضى الذين ينتظرون زراعة قلب أو لا يتحملون الجراحة.
حالياً، تُجرى أكثر من 4 آلاف عملية زراعة قلب سنوياً في الولايات المتحدة، فيما يموت كثيرون قبل العثور على متبرع مناسب، ويطمح الفريق إلى أن تُصبح رقعة الخلايا الجذعية حلاً بديلاً مستقبلياً.
يستعد الباحثون لبدء تجارب أوسع لضمان أمان التقنية قبل الانتقال إلى التجارب البشرية وهو ما قد يستغرق 5 سنوات أو أكثر. ويأمل الدكتور تشو أن يوفر هذا النهج علاجاً فعالاً للمرضى شديدي الضعف الذين لا يستطيعون الخضوع لجراحة القلب المفتوح، مؤكداً أن توسيع إمكانية الوصول لعلاجات الخلايا الجذعية قد ينقذ حياة الكثيرين.