منذ آلاف السنين كان الشعر الكثيف رمزًا للقوة والرجولة عند الرجال وجاذبية للنساء ولذلك يُعد فقدان الشعر تجربة قاسية على ملايين الرجال حول العالم، حيث تشير الإحصاءات إلى أن نحو 80% من الرجال يعانون من تساقط الشعر بدرجات متفاوتة مع التقدم في العمر، لكن أملاً جديداً يلوح في الأفق مع تطوير دواء تجريبي يحمل اسم PP405 قد يغير مستقبل علاج الصلع بشكل جذري.
العلاجات التقليدية مثل المينوكسيديل والفيناسترايد تعمل فقط على إبطاء تساقط الشعر لكنها لا تحفّز نمو شعر جديد، على عكس ذلك يعمل دواء PP405 على "إيقاظ" بصيلات الشعر الخاملة وتحفيزها لإنتاج شعر جديد.
تقول هيذر كريستوفك، أستاذة الكيمياء الحيوية بجامعة UCLA: "إن PP405 يوقظ الخلايا الجذعية لبصيلات الشعر ويعيدها إلى مرحلة النشاط، ما يجعله مختلفاً تماماً عن العلاجات الحالية".
آلية مختلفة عن العلاجات التقليدية
نُشرت نتائج أبحاث كريستوفك بالتعاون مع عالم الخلايا الجذعية ويليام لوري في مجلة Nature Cell Biology، حيث أوضحا أن مفتاح تنشيط بصيلات الشعر يكمن في رفع مستوى مادة "اللاكتات" داخل الخلايا الجذعية المسؤولة عن نمو الشعر.
للتأكد من الفرضية، أجرى الباحثون تجارب على الفئران التي تمتلك دورة نمو شعر متزامنة في مراحلها الأولى، عند إيقاف عمل إنزيم ينتج اللاكتات بقيت الفئران بلا شعر لفترة طويلة مقارنة بنظيراتها الطبيعية، أما عند منع دخول جزيء "البيروفات" إلى الميتوكوندريا مما يزيد من إنتاج اللاكتات، نمت فروة الفئران بسرعة أكبر وبكثافة ملحوظة.
وفي تجربة أخرى، عولجت الفئران بجزيء يسمى UK-5099 يمنع نفس البروتين المسؤول عن نقل البيروفات، وكانت النتيجة نمو الشعر في توقيت غير متوقع.
تقول كريستوفك: "كان الأمر مدهشًا، شاهدنا الشعر ينمو في وقت لم يكن من المفترض أن ينمو فيه".
بالتعاون مع أستاذ الكيمياء الطبية مايكل جونغ من جامعة UCLA، طُوّر جزيء جديد مشتق من UK-5099 أُطلق عليه اسم PP405، يتميز هذا الجزيء بفعاليته العالية مع بقاء تأثيره محصوراً في فروة الرأس، ما يقلل احتمالية حدوث آثار جانبية عند استخدامه.
أسس الباحثون شركة Pelage Pharmaceuticals لمتابعة تطوير الدواء، وأُجريت بالفعل تجربتان سريريتان للتأكد من سلامته عند الاستخدام الموضعي على فروة الرأس، ومن المتوقع أن تبدأ المرحلة الثالثة لاختبار فعاليته على نطاق أوسع خلال العام المقبل.
تطوير دواء مخصص وآمن للرجال
ورغم التحديات التي تواجه المشروع من نقص التمويل الحكومي يواصل فريق البحث مساعيه لإتمام الدراسات النهائية.
تؤكد كريستوفك أن النتائج المبكرة تمنح الأمل لملايين الرجال الذين يعانون من الصلع الوراثي أو تساقط الشعر الناتج عن عوامل مرضية مثل العلاج الكيميائي، مضيفة "نأمل أن يكون هذا العلاج مفيداً لشريحة أكبر من المرضى وأن يمنح الرجال فرصة لاستعادة ثقتهم بأنفسهم".