أمل جديد لمرضى أورام البروستاتا المتقدمة: العلاج المناعي يظهر نتائج واعدة

يعتمد الجهاز المناعي على خلايا متخصصة تحمي الجسم من العدوى والأمراض، وتقوم العلاجات المناعية بتدريب هذه الخلايا على التعرف على الخلايا الورمية والقضاء عليها، وقد أثبتت هذه المقاربة نجاحاً كبيراً في التعامل مع أورام الجلد من نوع الميلانوما وأيضاً أورام الرئة والمثانة والكلى والدم.

في حالة أورام البروستاتا لم يحصل على اعتماد رسمي سوى نوع واحد من العلاج المناعي وهو اللقاح العلاجي لكن أبحاثاً جديدة تُظهر بوادر أمل عبر تقنية مختلفة تُعرف باسم العلاج بالخلايا التائية المعدلة (CAR-T).

تقنية CAR-T وآلية عملها

يقوم الأطباء في مستشفى City of Hope بولاية كاليفورنيا الأمريكية باستخراج الخلايا التائية من جسم المريض ثم تعديلها وراثياً لتزويدها ببروتينات تُسمى "المستقبلات المستضدية الكيميري (CARs) تعمل هذه المستقبلات كعناصر توجيهية تسمح للخلايا المعدلة بالارتباط بمستضدات محددة على سطح الخلايا الورمية ومهاجمتها مباشرة.

%30 من أورام البروستاتا المصنفة آمنة قد تكون عدوانيةتقنية CAR-T وآلية عملها

بعد إعادة حقنها في الجسم تهاجم هذه الخلايا الورمية المستهدفة وتدمرها، ورغم أن هذه التقنية حاصلة على موافقات علاجية فقط لأورام الدم حتى الآن فإن نتائجها الأولى في أورام البروستاتا تبدو واعدة.

تفاصيل الدراسة السريرية

ركز الباحثون على بروتين يُعرف بـ”PSCA” (prostate stem cell antigen)، والذي يوجد بكثرة في الأورام المتقدمة خصوصاً عند انتشارها إلى العظام.

أُجريت التجربة على 14 مريضاً جميعهم مصابون بأورام بروستاتا منتشرة لم تعد تستجيب للعلاج الهرموني، تلقى كل مريض 100 مليون خلية CAR-T مع أو بدون إجراء إضافي يُعرف باسم "الاستنزاف اللمفاوي" لمنع تداخل الخلايا التائية الأخرى مع العلاج.

نتائج مشجعة

أظهرت النتائج الأولية تحسناً ملحوظاً لدى بعض المرضى إذ انخفضت مستويات مستضد البروستاتا النوعي (PSA) بنسبة 30% أو أكثر لدى أربعة منهم، كما شهد أحد المرضى انخفاضاً تجاوز 90% في PSA خلال 28 يوماً مع تقلص الأورام في العظام والأنسجة الرخوة واستمر التحسن لمدة ثمانية أشهر.

من ناحية الأعراض الجانبية واجه خمسة مرضى متلازمة إفراز السيتوكينات (CRS) بدرجات خفيفة وتمت السيطرة عليها بينما عانى مريضان من التهاب المثانة، لكن الباحثين لاحظوا أن الخلايا المعدلة لم تستمر بمستويات عالية بعد فترة المراقبة وهو ما قد يحد من فعالية العلاج على المدى الطويل.

مزيج دوائي جديد لعلاج أورام البروستاتا المتقدمةنتائج مشجعة

تحديات أمام التطبيق

تشير الدكتورة تانيا دورف، أخصائية الأورام في City of Hope والمؤلفة الأولى للدراسة، إلى أن أورام البروستاتا تُوصف بأنها "باردة مناعياً" أي أنها قادرة على التخفي من جهاز المناعة لذلك فشل كثير من العلاجات المناعية التقليدية في مواجهتها، لكنها أوضحت أن تقنية CAR-T توفر آلية أقوى لاختراق هذا الدفاع.

في المقابل، يحذر الدكتور ديفيد آينشتاين، أستاذ مساعد في Harvard Medical School، من أن الاستنزاف اللمفاوي قد يجعل بعض المرضى أكثر عرضة للعدوى إضافةً إلى مخاطر متلازمة السيتوكينات، ما يجعل العلاج مناسبًا لفئة محددة من المرضى فقط.

آراء الخبراء

يرى الدكتور مارك غارنيك، أستاذ الطب في Harvard Medical School أن هذه النتائج تمثل بداية لنهج علاجي مبتكر يمكنه القضاء على الخلايا الورمية المنتشرة خارج الغدة بعيداً عن الطرق التقليدية مثل العلاج الهرموني أو الكيميائي أو الإشعاعي، مؤكداً أن هذه التقنية الجديدة تحمل وعوداً كبيرة لكنها تحتاج إلى المزيد من الأبحاث لفهم آلياتها بدقة وتقليل آثارها الجانبية المحتملة.